فمضى على حمار بإكاف ، وقال له : خذ نفقة من مالي (١) لا أريد أن تمضي بنفقة من مالك ، ولا مال عيسى السراج ، فمضى على ما أمره ، ومات عيسى ، ولا يعلم أنّ أبا مسلم ، هو أبو مسلم إبراهيم بن عثمان ، وتوجّه أبو مسلم لشأنه وهو ابن تسع عشرة (٢) سنة ، وزوّجه إبراهيم بن محمّد بن علي بن عبد الله بن عباس ، بنت عمران بن إسماعيل الطائي ، المعروف بأبي النجم على أربعمائة ، وهي بخراسان مع أبيها ، وزوّجه وقت خروجه إلى خراسان ، وبنى بها بخراسان ، وزوّج أبو مسلم ابنته فاطمة من محرز بن إبراهيم ، وابنته الأخرى أسماء من فهم بن محرز ، فأعقبت أسماء ، ولم تعقب فاطمة ، قال : وفاطمة التي تدعو لها الحرمية إلى الساعة.
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله العكبري ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنا أبو علي محمّد بن الحسين الجازري ، أنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري (٣) ، نا محمّد بن الحسن بن دريد (٤) ، نا أبو حاتم ، عن أبي عبيدة ، قال :
حدثني رجل من أهل خراسان ، عن أبيه ، قال : كنت أطلب العلم فلا آتي موضعا إلّا وجدت أبا مسلم قد سبقني إليه ، فألفني ، فدعاني إلى منزله ، ودعا بما حضر ، فأكلت ، ثم قال : كيف لعبك بالشطرنج؟ فقلت : إني لاعب بها ، فدعا بشطرنجه ، فتناولت السواد ، فوضعته بين يديّ ، فتناولها من بين يدي وأعطاني البياض ، فأشفت (٥) شاهه (٦) على القتل فداخله أمر عظيم ، فاغتممت له ، ثم قال لي : العب فقد فرّج الله ، فخلص شاهه وجعل يقول :
ذروني ذروني ما فررت (٧) بانني |
|
مني ما أهج حزنا تضيق (٨) بكم أرضي |
وأبعث في سود الحديد إليكم |
|
كتائب سودا (٩) طال ما انتظرت نهضي |
قال : فكنت ألاعبه ويلهو بهذين البيتين حتى بلغني خروجه.
__________________
(١) الأصل وم : مال ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٢) بالأصل : تسعة عشر سنة ، والصواب عن م وتاريخ بغداد.
(٣) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٣ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٤) ومن طريق ابن دريد رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٦ / ٥٢ ـ ٥٣.
(٥) بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٦) عن الجليس الصالح وبالأصل : شاهته.
(٧) كذا بالأصل وفي سير أعلام النبلاء : «قررت» وفي الجليس الصالح : قدرت.
(٨) الجليس الصالح : تضق.
(٩) بالأصل وسير أعلام النبلاء : «سود» ، والمثبت عن الجليس الصالح.