ابن ابنه عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن.
قال لي أبو عبيد الله محمّد بن الربيع بن سليمان بمصر في سنة خمس عشر وثلاثمائة أن واليهم الساعة عبد الرّحمن بن محمّد هذا.
وأخبرني أبو عبيد الله محمّد بن الربيع بن سليمان ، نا علي بن محمّد بن حيون ، أخبرني محمّد (١) بن عبد الله الأندلسي ، أخبرني بعض مشايخنا.
أن عبد الرّحمن بن معاوية بن هشام لما توجه إلى يوسف الفهري أتى الخبر يوسف بشخوصه (٢) وأخبر بقدومه وتوجهه إليه ، فلم يعبأ يوسف ولم يكترث ، وكان يوسف أول ما يدعو لبني هاشم ثم خلع ودعا لنفسه ، وأن عبد الرّحمن لما توجه إليه غدا إلى الجزيرة ، فنزلها فاتبعه أهلها ، ثم مضى منها إلى شذونة (٣) ، فاتبعه أهلها ثم مضى من شذونة إلى إشبيلية فاتبعه من فيها ، ثم مضى من إشبيلية إلى قرطبة ـ وهي مدينة الأندلس ـ فاتّبعه من فيها ، فكان كلما دخل مدينة اتّبعه أهلها ، حتى دخلوا معه الأندلس ، فذكروا أنهم دخلوها يوم الأضحى أو الفطر ، فلما رأى يوسف العساكر قد أظلّته خرج هاربا إلى دار الشّرك ، فتحصن فيها هنالك.
وغزاه عبد الرّحمن من بعد ذلك ، فوقعت نفرة في عسكره ، فانهزم وانصرف عبد الرّحمن ومن معه بلا حرب ، وجعل عبد الرّحمن لمن آتاه برأسه جعلا (٤) ، فأتاه رجل من أصحاب يوسف برأس يوسف ، فسرّه ذلك فأجازه وأكرمه (٥) ، وأقام عيال يوسف في مسكنهم لم يهجهم بشيء ، فلما كان بعد ذلك خيّر عياله في الخروج عنه أو المقام في موضعهم ، فاختاروا موضعهم فأقاموا فيه.
والصحيح أن البلاد لم تكن مفتونة وقت دخول عبد الرّحمن بن معاوية في ذلك الوقت ، ولا كانت مضرية ولا يمانية حينئذ ، وإنّما كانت المضرية واليمانية بعد ذلك ، وكان عبد الرّحمن دخل الأندلس ووليها نائبا ، وقال : إن أتت رسل بني العباس سلّمت إليهم وأنزلتهم هاهنا ، فقال له مولاه ـ يقال له : مهدي بن الأصفر : ـ تخاف قوما بينك وبينهم طول
__________________
(١) كذا بالأصل وم هنا ، ومرّ في أول الخبر : جابر بن عبيد الله الأندلسي.
(٢) عن م وبالأصل : لشخوصه.
(٣) بالأصل وم : شدونة ، بالدال المهملة ، والمثبت والضبط عن معجم البلدان ، وهي مدينة بالأندلس تتصل نواحيهما بنواحي موزر وقد صوبناها بالذال المعجمة ، في كل مواضع الخبر.
(٤) الجعل : العطاء.
(٥) انظر خبر قتاله الفهري ، وهزيمته ومقتله ، البيان المغرب ٢ / ٤٨ ـ ٤٩.