أبي عبيدة ، فالله أعلم ، وكان عبد الرّحمن بن معاوية من أهل العلم وعلى سيرة جميلة من العدل ، ومن قضاته : لمعاوية بن صالح (١) الحضرمي الحمصي (٢) وله أدب وشعر.
ومما أنشدونا له يتشوق (٣) إلى معاهده بالشام (٤) :
أيها الراكب الميمّم أرضي |
|
أقر من بعضي السّلام لبعض (٥) |
إنّ جسمي كما علمت (٦) بأرض |
|
وفؤادي ومالكيه بأرض |
قدّر البين بيننا فافترقنا |
|
وطوى البين عن جفوني غمضي |
قد قضى الله بالفراق علينا |
|
فعسى باجتماعنا (٧) سوف يقضي |
كتب إليّ أبو المظفّر محمّد بن أحمد بن محمّد الأبيوردي العنبسي ، من ولد عنبسة بن أبي سفيان ، يذكر في نسب آل أبي سفيان ، قال :
معاوية بن هشام بن عبد الملك والد عبد الرّحمن الداخل الذي غلب على الأندلس حين قتل مروان بن محمّد وولده هناك ، وكان في أهل ذلك الصّقع جفاء وغلظة ، فلما أمن به عبد الرّحمن ونشأ أولاده فضلاء علماء سمحاء توفّر أعيان الرعية به على التأدب والتفقه ، فرقت حواشيهم ونبع فيهم شعراء ، والناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم ، والملك سوق يجلب إليها ما ينفق فيها ، وكان المنصور يثني على عبد الرّحمن ويقول : ذاك صقر قريش دخل المغرب وقد قتل قومه ، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية ، ويلبس القحطانية بالعدنانية حتى ملك.
وكان الناس يقولون : ملك الأرض ابنا بربريتين (٨) يعنون عبد الرّحمن والمنصور ، وأمّه سلّامة البربرية ، وأم عبد الرّحمن راح البربرية ، وأخوه أبان كان فارسا ، وأمّه راح أيضا ، وأبوهما معاوية ، وأخوه سعيد ابنا هشام لأم ولد ، واعتبط معاوية وعبد الرّحمن صغير ، وكان
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، وفي جذوة المقتبس : طليح.
(٢) عن م وجذوة المقتبس ، وفي الأصل : الحمي.
(٣) عن م وجذوة المقتبس وبالأصل : يتشوف.
(٤) الأبيات في نفح الطيب ٣ / ٣٨ و٥٤ والبيان المغرب ٢ / ٦٠ وجذوة المقتبس ص ٩.
(٥) في البيان المغرب : أقرأ بعض السلام عني لبعضي.
(٦) البيان المغرب : تراه.
(٧) البيان المغرب : باقترابنا.
(٨) اللفظة إعجامها مضطرب بالأصل وم ، والمثبت عن سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٥١.