قال جرير : فحسدته على أبيات منها حتى أنشدني صفة الظبية والغزال :
تزجي أغنّ كأن إبرة روقه (١)
قال جرير : فرحمته ، فلما قال : قلم أصاب من الدواة مدادها رحمت نفسي وحالت الرحمة حسدا ، وفيها يقول (٢) :
وقصيدة قد بتّ أجمع بينها |
|
حتى أقوّم ميلها ، وسنادها |
نظر المثقف في كعوب قناته |
|
حتى يقيم ثقافه منآدها (٣) |
وعلمت حتى ما أسائل واحدا |
|
على علم واحدة لكي أزدادها |
وله (٤) :
لا يبرح المرء يستقري مضاجعه |
|
حتى يقيم بأعلاهن مضطجعا |
ومما يستحسن من قوله يصف فعل سنابك الحمارين إذا غدوا (٥) :
يتعاوران من الغبار ملاءة |
|
بيضاء مخملة هما نسجاها (٦) |
تطوي إذا علوا مكانا جاسيا |
|
وإذا السنابك أسهلت نشراها (٧) |
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا عبد الوهاب بن علي ، أنا أبو الحسن الطاهري ، قال : قرئ على أبي بكر الختّلي ، أنا الفضل بن الحباب ، نا محمّد بن سلّام ، أخبرني أبو الغراف ، قال :
دخل جرير على (٨) الوليد بن عبد الملك ، وهو خليفة ، وعنده ابن الرقاع العاملي ،
__________________
(١) وهو البيت الحادي عشر ، من القصيدة المذكورة ، ديوانه ص ٣٥ وعجزه :
قلم أصاب من الدواة مدادها
تزجي : زجى الشيء وأزجاه : ساقه ودفعه ، وأزجيت الإبل : سقتها. الأغن : الظبي الذي يخرج صوته من خياشيمه.
(٢) الأبيات في ديوان عدي بن الرقاع ص ٣٨.
(٣) المثقف : الرمح ، وهو هنا الذي يثقف السيف أي يصقله.
والقناة : الرمح ، منآدها : معوجها.
(٤) البيت لعدي بن الرقاع ، من قصيدة يمدح الوليد بن عبد الملك ، ديوانه ص ٨٣ ، البيت العاشر ، ومعجم الشعراء ص ٢٥٣.
(٥) البيتان من قصيدة في ديوانه ص ٥٠ وانظر تخريجهما فيه.
(٦) يتعاوران من الغبار أي تصير الغبرة للعير مرة وللأتان مرة.
(٧) جاسيا : يابسا.
(٨) بالأصل : «جرير بن علي» تصحيف.