فقال الوليد لجرير : أتعرف هذا؟ قال : لا يا أمير المؤمنين قال : هذا رجل من عاملة ، فقال الذين يقول الله تعالى (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً)(١) ، ثم قال (٢) :
يقصر باع العاملي عن العلا |
|
ولكن أير العاملي طويل |
فقال العاملي :
أأمك يا ذا أخبرتك بطوله |
|
أم أنت أمرؤ لم تدر كيف تقول (٣) |
قال : لا ، بل لم أدر كيف أقول ، فوثب العاملي إلى رجل الوليد فقبّلها وقال : أجرني منه. فقال الوليد لجرير لئن شتمته (٤) لأسرجنك ولألجمنك وليركبنك فيعيرك الشعراء بذلك ، فكنى جرير عن اسمه فقال (٥) :
إني إذا الشاعر المغرور حرّبني |
|
جار لقبر على مرّان مرموس (٦) |
قد كان أشوس آباء فأورثنا |
|
شغبا على الناس في أبنائه الشوس |
أقصر فإن نزارا لن يفاضلها (٧) |
|
فرع لئيم وأصل غير مغروس |
وابنا نزار أحلاني بمنزلة |
|
في رأس [أرعن](٨) عادي القداميس (٩) |
وابن اللبون إذا ما لز في قرن |
|
لم يستطع صولة البزل القناعيس |
قال أبو الغراف قال : لما أتت الخلافة سليمان بن عبد الملك أتته وهو بالسّبع (١٠) فكتب إلى عامله بالأردن أن يبعث إليه عدي بن الرقاع في وثاق ، فوجهه إليه ، فلما دخل عليه قال : إن كنت لكارها لخلافتي ، قال : وكيف ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال : حين تقول في مدحة الوليد (١١).
عذنا بذي العرش أن نحيا ونفقده |
|
وأن نكون لراع بعد تبعا |
__________________
(١) سورة الغاشية ، الآيتان ٣ و ٤.
(٢) البيت في الأغاني ٩ / ٣٠٨.
(٣) البيت في ديوان عدي ص ٩٤ ، وقد جاء فيه يرد على قول جرير المتقدم.
(٤) عن الأغاني ، ونميل إلى قراءتها بالأصل : سميته.
(٥) الأبيات في ديوان جرير ط بيروت ص ٢٣٩ والأغاني ٩ / ٣٠٨.
(٦) حربني : أغضبني.
(٧) الأصل وم لا يفاخرهم ، والمثبت عن الديوان والأغاني.
(٨) عن م والديوان.
(٩) القداميس : القدامى.
(١٠) السّبع : في برية من أرض فلسطين بالشام (معجم البلدان).
(١١) البيت في ديوان عدي ص ٨٣ من أبيات مدح الوليد بن عبد الملك.