له مهمّ ، فلما ألقى الشام بوانيه وصار بثنية وعسلا عزلني واستعمل غيري ، فقال رجل : هذا والله الفتنة ، وقال خالد : أما وابن الخطاب حيّ فلا ، ولكن ذاك إذا كان الناس بذي بلي وبذي بلي.
قال أبو عبيد (١) : حدّثناه عدة عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عزرة (٢) بن قيس ، قال : خطبنا خالد ثم ذكر ذلك.
قوله ألقى الشام بوانيه ، إنما هو مثل يقال للإنسان إذا اطمأن بالمكان ، واجتمع له أمره : قد ألقى بوانيه ، وكذلك يقال : ألقى أرواقه ، وألقى عصاه ، قال الشاعر :
فألقت عصاها واستقرت بها النوى |
|
كما قرّ عينا بالإياب المسافر (٣) |
وقوله : صار بثنية وعسلا فيه قولان : يقال : البثنية حنطة منسوبة إلى بلاد معروفة بالشام من أرض دمشق يقال لها البثنية ، والقول الآخر : أراد بالثنية اللينة وذلك أن الرملة اللينة يقال لها بثنة وتصغيرها بثينة ، وبها سميت [المرأة](٤) بثينة فأراد خالد أن الشام لما اطمأن وذهبت شوكته وسكن الحرب فيه وصار لينا لا مكروه فيه ، إنما هو خصب كالحنطة والعسل.
عزلني واستعمل غيري (٥) قال ذلك كله أو عامته الأموي ، وكان الكسائي والأصمعي يقولان نحو ذلك.
وأما قوله : وكان الناس بذي بلّي وذي بلّي ، فإنه أراد تفرّق الناس ، وأن يكونوا طوائف مع غير إمام يجمعهم وبعد بعضهم من بعض وكذلك كلّ من بعد منك (٦) حتى لا يعرف موضعه فهو بذي بلي وفيه لغة أخرى ، بذي بليان.
ويروى عن عاصم بن أبي النجود ، عن أبي وائل : بذي بلّيان والصواب بلّيان وكان
__________________
(١) غريب الحديث لأبي عبيد الهروي ط بيروت ٢ / ١٧٧.
(٢) الأصل : عروة ، والمثبت عن غريب الحديث لأي عبيد.
(٣) البيت في تاج العروس بتحقيقنا (نوى) ونسبه لمعقر بن حمار ، وقيل للطرماح بن حكيم وفي تاج العروس (عصا) : وقيل : عبد ربه السلمي.
وبالأصل : «واستقرت البومى كما قر عبدا» والمثبت عن تاج العروس.
وفي اللسان (عصا) : قال ابن بري : هذا البيت لعبد ربه السلمي ، ويقال لسليم بن ثمامة الحنفي ، وذكر الآمدي أن البيت لمعقر بن حمار البارقي.
(٤) ما بين معكوفتين زيادة عن غريب الحديث للهروي.
(٥) «عزلني واستعمل غيري» عن م وغريب الحديث للهروي ، ومكانه بالأصل : «عن أبي وإسماعيل عدي».
(٦) في م : «قعد منكر» وفوق اللفظة الثانية ضبة.