عثمان العصاري ، أنا أبو محمّد جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ، نا أحمد بن محمّد بن مسروق الطوسي ، حدّثني عبد الله بن الحكم بن موسى بن الحسين السّلولي ، حدّثني أبي عن عمه قال :
مرّ العجير بفتيان من قومه يشربون نبيذا لهم ، فدعوه إليه ، فأجابهم وشرب ، قال : فقرم (١) إلى اللحم ، فقال : أطعمونا لحما ، فقالوا : تروح الشاء والإبل ونذبح ، قال : فقال لفتى منهم : قم فخذ بزمام بعيري هذا ـ وكان نجيبا ليس في البلاد مثله ـ قال : واستلّ الخنجر من حجزته (٢) وضرب به لبّته (٣) ، قال : فقام القوم إليه ، وقالوا : ما صنعت؟ فقال : أطعمونا لحما ، قال : فجعل القوم يأكلون من كبده وسنامه ، والعجير يقول :
عللاني إنما الدنيا علل |
|
واتركاني من ملام وعذل |
وأنشلا ما اغبرّ من قدريكما |
|
واسقياني أبعد الله الجمل (٤) |
فيقال ـ والله أعلم ـ إن عشيرته صبّحته بألف بعير حين بلغهم هذا الحديث.
كتب إليّ أبو علي محمّد بن سعيد ، ثم حدّثني أبو الفضل بن ناصر ، أنبأ أبو طاهر الباقلاني ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن مقسم ، أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب للعجير وقال : قاتله الله ما أشعره وأخبثه :
(٥) وقائلة إذا العجير تقلبت (٦) |
|
به أبطن أبلينه وظهور |
رأتني تجاذبت الغداة ومن يكن |
|
فتى عام عام الماء فهو كبير (٧) |
ويروى فتى عام عام الماء بالإضافة.
__________________
(١) قرم اللحم : اشتهاه.
(٢) حجزته : أي موضع شد الإزار من الوسط.
(٣) اللبة : وسط الصدر والمنحر.
(٤) الخبر باختلاف الرواية ، والبيتان في الأغاني ١٣ / ٧٦ وقوله :
وانشلا : نشل اللحم ينشله نشلا إذا أخرجه من القدر بيده من غير مغرفة.
ما اغبر : قال الأصمعي : اللحم أول ما يتغير لونه بالطبخ قيل : اغبرّ. وقيل ما اغبر يعني ما بقي.
أصبحاني : اعطياني الصبوح من لبن النوق.
(٥) من أبيات في الأغاني ١٣ / ٦٨ قالها لما مثل بين يدي عبد الملك بن مروان ، بعد ما أقام ببابه شهرا لا يصل إليه.
(٦) صدره في الأغاني : فقلت لها إن العجير تقلبت.
(٧) بهذه الرواية البيت في اللسان (عوم) ، وروايته في الأغاني :
وقالت : تضاءلت الغداة ومن يكن |
|
فتى قبل عام الماء فهو كبير |
قال في اللسان : فسره ثعلب فقال : العرب تكرر الأوقات فيقولون : أتيتك يوم يوم قمت ، ويوم تقوم.