وكان ممن قتل بمكة أميرها أبو المحارم ، والحافظ بن محارب ، والحافظ أبو الفضل محمد بن الحسين بن أحمد الحاروذى الهروى ، أخذته السيوف وهو متعلق بيده بحلقة باب الكعبة حتى سقط رأسه على عتبة بيت الله تعالى وأخوه إمام الفقهاء الحنيفة أبو سعيد أحمد بن الحسين البردعى ، والشيخ أبو بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله الوهابى ، وشيخ الصوفية على بن مابويه الصوفى ، والشيخ محمد بن خالد بن زين البردعى نزيل مكة ، وجماعة كثيرون من العلماء والصلحاء والصوفية والحجاج من أهل خراسان والمغاربة ونهبت أموالهم وسبيت نساؤهم وذراريهم ونهبت دور الناس وقتل من وجد من أهلها إلا من اختفى فى الجبال وممن هرب من مكة ـ يومئذ ـ قاضيها يحيى بن عبد الرحمن بن هارون القرشى مع عياله إلى وادى ريحان ، ونهبت القرامطة من داره وأثاثه وأمواله قيمته مائة ألف دينار وخمسون ألف دينار فافتقر بعد تلك الثروة ، وكذلك نهبت دور أهل مكة ، إلى أن صار الباقى ممن نجا من تلك الواقعة فقراء يستعطون ، ولم يحج فى هذا العام أحد ، ولا وقف بعرفة إلا قدر يسير فادوا بنفسهم ، وسمحوا بأرواحهم ، فوقفوا بدون إمام ، وأتموا حجهم مستسلمون للموت.
وأخذ أبو طاهر خزانة الكعبة ، وما فيها من الذهب والفضة وكسوة الكعبة وحليها ، وما نهبه من أموال الحجاج فقسمها بين أصحابه ، وأراد أخذ حجر المقام الذى فيه صورة قدم سيدنا إبراهيم (صلوات الله وسلامه عليه ، وعلى أنبياء الله ورسله الكرام) ، فلم يظفر به لأن سدنة الكعبة الشريفة غيبوه فى بعض شعاب مكة ، وتألم لذلك ، واستدعى بجعفر بن أبى علاج البناء ، وأمره بقلع الحجر الأسود من محله فقلعه بعد العصر يوم الاثنين لأربع عشر ليلة خلت من ذى الحجة ذلك العام ، وصار بزندقته (قالته الله وأخزاه).
فلو كان هذا البيت لله ربّنا |
|
لصب علينا النار من فوقنا صبا |
لأنا حججنا حجة جاهلية |
|
محللة لم تبق شرقا ولا غربا |
وأنا تركنا بين زمزم والصفا |
|
خبائز لا تبغى سوى ربها ربّا |