الأمر على سلطنة واحد منهم تركب فى شعار السلطنة واصطلحوا على هيئة خاصة أخذوها من الملوك الأيوبية وزادوا فيها ونقصوا ، وكان ذلك الوضع مفتولا عندهم ، فإن العرف يحسن ويقبح ، وإن كانت صورة مضحكة عند من لا يألفها ، ولكل إقليم وضع خاص ، وسلاطين ذلك الإقليم لا تفهم تلك الهيئة لسلاطينهم.
وكان من شعار سلاطين الجراكسة عامة كبيرة ملفوفة بصنايع ملكفة يجعلون فى مقدمها ويمينها ويسارها شكل ستة قرون بارزة من نفس العمامة ملفوفة من نفس الناس يلبسها السلطان فى موكبه وديوانه قفطانا من فاخر الثياب يكون على كتفه اليمين قطعة طراز مزركش بالذهب ، وبكذلك على كتفه اليسار إلا أن ذلك ليس مخصوصا بالسلطان ، بل يلبس ذلك من الأمراء ومن دونهم ويخلع بهذا الثوب المطرز على من أراد ، ويحمل على رأس السلطان قبة صغيرة لطيفة.
وفى وسط ذلك صورة طير صغير يظلل السلطان بتلك القبة ، والذى يحملها على رأس السلطان هو أمير كبير وظيفته أن يصير سلطانا بعد ذلك ، وأكابر أمرائه أربعة وعشرون أميرا بطبلحناناه تضرب على بابهم صبحا وعهدا لكل واحد منهم أمير مائة مقدم ألف بمنزلة البكار بكية عندهم ، ويلبس كلا منهم عمامة بقرنين ودنهم «الخاصكية» يكون له فرس وخدام ، وعلى رأسه ربط وعليه عمامة بعذبة ، يديرها من تحت حنكه دون الجلبان ، وهم مشاة على رؤوسهم طواقى من جوخ أحمر ضيق موضع يدخل فى رأسه وسبع من أعلاه لا يلطا برأسه ، وملبوس أكثرم الملوطة البيضاء المصقولة يكون على كتفه طرازتين من محمل أو أطلس أو مزركش ، وفى أوساطهم ، ويدلون طرفها إلى أنصاف سوقهم.
وكانت التجار تجلب المماليك البيض من بلاد جركس ويتفاولون فى أيمانهم إلى أن كثروا بمصر وبلغوا من عشرين ألف فارس إلى ثلاثين ألف ، وكانت لهم اصطلاحات فى تربيتهم ، وكانت لهم الأطباق يوظفون فيها للمسلمين من حفاظ القرآن.