وكانت الجلب يدخله سيده أولا إلى الطبقة للحفظ والاستخراج والصلاة والقرآن بحسب قابليته إلى أن يفوق فى الحظ ومعرفة القرآن والفقه وأمور دينم ثم يرتقى إلى معرفة التقاف والصراع ورمى السهام ، ثم يترنى إلى الفروسية إلى أن يتفرس فى أنواع الحرب والحبل والخداع واللعب بالسيف والعود والسهام ، ثم يترقى إلى الخاصكية ، ثم إلى الإمرة ، ثم إلى الدوادرية والمقدمية ، ثم إلى السلطنة.
وكانت خيال السلطنة فى دماغ كل واحد منهم من حين يجلب إلى السوق ليباع إلى أن يموت حتى إن واحدا من الجبان جلب وهو حقير فاحش القرعة ، فاحش العرج ، قال للدلال الذى يبيعه : «هل ولى الأقرع الأعرج سلطانا فى مصر».
وبالجملة فقد كانت طوائف سوادج لهم سماحة وحماسة وصداقة لمن صادقوه ، وكانت أرزق مصر بيدهم ، وكانت أهل مصر تتلاعب بهم فيما بيدم من الأرزاق ، وكانوا بيد فقهائهم ومباشريهم فيكون لهم مباشر من المصريين للمصارف فيكون للجندى فقيه يعلمه القرآن وإماما يصلى به ، ومكبرا مباشرا يكتب دخله وخرجه ، وخازن دار ، وركابدار ، وجامدار ، ومهتار ، وسراج ، وحلاف ، وسايس ، وغير ذلك ، فإذا ترقى الأمير للإمرة ترقى معه خدامه ويرتبون له سماطان حلاوى ومفاكهات وكانوا فى رهافة ، وكانوا أهل مصر يعيشون فى ظلمهم رغدا ، بحيث إن أسمطتهم كانت تكفى لسائر جيرانهم ، وكانت خدامهم تتبع ما يفضل من طعامهم للناس من الدجاج والوز وسائر النفائس ، وكان لهم سوق يباع فيه ما يفضل من أطعمتهم التى أخذتها خدامهم فى أسمطتهم ، يتفاخرون ببناء البيوت الفاخرة والمدارس والجوامع والترب والربط ، وكانت لهم خيرات رائدة وميزات عالية إلى أن فشا فيهم الظلم والعدوان وكثر منهم المضارات وغلب سيئاتهم على حسناتهم ، وزادت مظالمهم على إحسانهم ، ومالوا إلى الغوانية والمفسدين ، وأخلوا شرائع الشرع والدين ، فاستجاب الله تعالى فيهم دعاء المظلومين ومزقهم أى ممزق ، «ودار الظالم خراب ولو بعد حين» ، والملك