واستمر إلى أن خرب ودثر واستبدل إلى جانبه رباط سلطان الهندى السلطان أحمد شاه الكجرائى ورباط الخواجا الظاهر ، واشتريت دور أخرى وعمر فى مكانها المدارس الأربع السيمانية وبيد مؤلفه مدرسة الحنفية ساكنا فيها وعمر فى مكانها المدارس الأربعة السمانية (جزى الله خيرا) من كان سببا لإنشائها.
وسيأتى بيان عماراتها ـ إن شاء الله تعالى ـ وفى مستهل ذى الحجة سنة ٩١٩ ه قدم إلى الحاج أحد خواص مماليك السلطان الملك المؤيد فرأى جانب باب الكعبة الأيمن محتاجا إلى الحلية ، فأخرج من ماله مقدار ما يقارب مائتا درهم فضة خالصة فحلا به ، ثم طلاه بالذهب ، وفرغ من عمل ذلك قبل الصعود إلى عرفة وشكر الناس صنيعه وعرفوا تعظيمه لبيت الله الحرام وأثنوا على همته ، والخير يذكر ـ ولو بعد حين ـ.
وفى أواخر عام ٨١٨ ه أرسل المؤيد منبرا حسنا إلى المسجد الحرام ودرجة يصعد عليها إلى الكعبة ، ووصل ذلك إلى مكة فى الموسم وخطب الخطيب على المنبر الجديد «خطبة التروية» فى سابع ذى الحجة أرسل المؤيد صدقة كثيرة لتفرق فى المسجد ، فولى تفريقها الأمير ثغرى برمنش باش التركى المقيمين بمكة لسبع مضين من شهر ربيع الأول سنة ٨٢٢ ه ، وهدمت ظلة المؤذنين التى فوق زمزم لخراب حنشبها وتأكله وبنيت بالحجر المنحوت وسقف أحواض زمزم وأقن عملها ، وفرغ منه فى شهر رجب فى هذه السنة وفيها عمّرت قناة عين بازان لأن السيل كان قد خربها فانقطع ماء العين ، فجددت إلى أن أجرى المياء ، وامتلأت البرك التى فى المعلا ورخص الماء بعد غلوه.
وكانت وفاة الملك المؤيد شيخ المحمودى فى يوم الاثنين تسع خلون من المحرم سنة ٨٢١ ه ، وقد أناف على الخمسين ، وكانت مدة سلطنته ثمان سنين وخمسة أشهر ، وسلطان بعده ولده الملك المظفر أبو السعادات أحمد بن المؤيد شيخ بعهد منه فى يوم الاثنين تاسع المحرم يوم وفاة والده وعمره ـ إذ ذاك ـ سنة وثمانية أشهر وسبعة أيام وهو الخامس من ملوك الجراكسة.