وصار مدير مملكته الأمير ططر مجلس أتايك وخالف عليه أمر الشام فتجهز إليهم ططر ومعه الملك المظفر أحمد طفلا وقاتلهم وقتل منهم كثيرا إلى أن صفى فخلع الملك المظفر وتسلطن عوضه فى يوم الجمعة لليلة بقيت من شعبان سنة ٨٢١ ه ، ورجع بالمظفر أحمد بن المؤيد إلى مصر واستمر بالقلعة إلى أن انتقل بالإسكندرية وتوفى بها مطعونا ، وكانت مدة سلطنته سبعة أشهر وعشرين يوما ، وتسلطن بعده السلطان أبو الفتح سيف الدين بن ططر الظاهرى فى يوم الجمعة لليلة بقيت من شعبان سنة ٨٢١ ه ، وهو السادس من ملك الجراكسة وأولادهم بمصر ، وكان من مماليك الظاهر برقوق أعتقه وقدمه ولا زال يترقى إلى أن صار عند المؤيد رأس نوبة النوب ثم أمير مجلس ثم تسلطن كما ذكرنا وتلقب بالظاهر لقب ساداته ، وعهد مملكة الشام وقتل نائبيها وقبض على الأمراء المخالفين له وقدم الطائعين له.
وله أثار جميلة ومقاصد حسنة جليلة من أعظمها أنه قدم لصاحب مكة الشريف حسن بن عجلان ألف دينار ذهب تحمل إليه من خزينة مصر فى كل عام ، وجعل ذلك له فى مقابلة ترك المكس على الخضرة والفواكه ، وغيرها من المأكولات ، وألا يكلف شريف مكة التجار على أخذ القرض منهم والسواى المكتوب بهذا العهد موجودة فى المسجد الحرام إلى الآن ، ثم لما سخر الملك الظاهر ططر مملكة الشام وحلب عاد إلى مصر فمرض فى أثنياء الطريق وصار يتعلل إلى مصر ، وجعل فيها موكب ولزم الفراش ، ولم يتهن بالسلطنة وما كمل فرحته بالملك وما أمهله الدهر إلى أن سلبه الملك وأسلبه إلى الهلك ، وتوفى يوم الأحد لأربع مضين من ذى الحجة سنة ٨٢٤ ه.
وكانت مدة ملكه أربعا وتسعين يوما (رحمهالله تعالى) ، وولى بعده فى يوم موته الملك الصالح محمد بن الظاهر وعمره نحو العشر سنوات وهو السابع من ملوك الجراكسة وأولادهم ، وصار أتابكه ومدبر مملكته أتابك جانى بك الصوفى إلى أن تقلب على الأتابك بر سباى الدقماقى فقبض عليه وأرسله إلى سجن الإسكندرية ، فصار أتابك فى مكانه واستبدل بأمور المملكة من غير مشاركة ، فخلع الملك الصالح وتسلطن عوضه يوم الأربعاء لاثنتى عشر ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ٨٢٤ ه.