وعرض إليه الدخول إلى الحجرة الشريفة فتعاظم ذلك ، وقال : «لو أمكننى أن أقف أبعد من هذا الموضع وقفت ، فالجناب أعظم أو من ذا الذى يقوم بما يجب له من التعظيم» ، ثم صلى صبح الجمعة فى الروضة الشريفة فى الصف بين فقر الزوار ، وإلى جانبه إمامه الشيخ الإمام العلامة برهان الدين الكردكى ، ثم توجه لزيارة السيد حمزة عم النبى صلىاللهعليهوسلم ومن حوله من الصحابة الذين استشهدوا يوم أحد ، فمشى مترجلا حتى خرج من باب المدينة ولم يرق دابته ، ولم يركب بالمدينة تأدبا مع النبى صلىاللهعليهوسلم ، وعاد من الزيارة وحضر صلاة الجمعة.
قال السيد السمهودى (رحمهالله تعالى) : فبدأنى السلطان بالملاطفة ، وسألنى عن بعض المباحث ، فرأيت من تواضعه وحمله ، وثقوب فهمه ما يفوق وصف الواصف فأنشدته بيتى التلخيص :
وهما كانت مسائله الركبان تخبرنى |
|
عن أحمد بن سعيد أطيب الخبرى |
حتى التقيت ـ فلا والله ـ ما سمعت |
|
أذنى بأطيب مما قد رأى بصرى |
فطرب به جدا ، واجتمعت به قرب صلاة المغرب فى الروضة ففاتحنى فى الكلام.
ورأى فى المحراب النبوى مكتوبا قوله تعالى : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ)(١).
فسألنى عن هذه الآية : هل نزلت قبل المعراج أم بعده؟ وكيف كان الاستقبال قبل نزولها؟ فشرعت له فى الجواب فأقيمت الصلاة ، وفى أثناء ذلك فصلينا ، فلما فرغ من هذه الصلاة صلى ست ركعات بسكوت وتؤدة.
فلما انقضت تلك الصلاة قال : أقبل علىّ ـ طالبا الجواب ـ فذكرت له : أن نزولها بالمدينة ، وأن فرض الصلاة كان بمكة ليلة المعراج ، وذكرت ما حكى فى تعدد نسخ القبلة وصلاته (عليه الصلاة والسلام) بمكة بين الركنين
__________________
(١) الآية سبقت الإشارة إليها.