وأجيب إلى سؤاله ، وانجمع النظر فى حاله وماله ، ورأى بعين كماله وثبات الدهر فى أحواله ، وأخذ فى زاد ترحاله ، وقدم الخيرات ما يكون ذخيرة لأخرته من الباقيات الصالحات.
فمن إنشائه وعماريه فى إدارته وفى أدربند ، وكان محل قطاع الطريق تنهب فيه قوافل المسلمين ؛ فعمل هناك تكية عظيمة ومحلا ، لنزول المسافرين ، فيه طعام يطبخ لهم يقدم إليهم ، ومسجدا جامعا ورتب لذلك ، كلما يحتاج إليه ، ووقف أوقافا عظيمة فصار أثرا باقيا على صفحات الزمان ، وجميلا يذكر به ، ويدعى له إلى انقضاء الدوران ، وله خيرات أخرى غير ذلك ، يلوح عليها علامات القبول عند الله تعالى ، وكان عزله فى سنة ٩٣٩ ه.
وولى مكانه فى الوزارة العظمى من المماليك الذى عنده داخل السرايا أوده باشا حرمه الخاص إبراهيم باشا ، كان شابا قد امتلأ غصن نضارته بماء الشباب ، ولازمته السعادة والدولة والعزة والعظمة ، من جمله خدام الركاب وكان أقدم منه فى الخدمة أحمد باشا ؛ فظن أن الوزارة العظمى لا تتعداه إلى غيره ؛ لأنه من خاص مماليك والده وإبراهيم باشا من مماليك السلطان سليمان نفسه ؛ فزاحمه فى صدره لست الوزارة وجلس بقوة إجلاله يخدم السلطنة الشريفة فى ميحل الصدارة ؛ فشكاه إبراهيم باشا إلى السلطان ؛ فدبر فى إزالته من ذلك المكان ؛ فطلبه السلطان سليمان ، وجعل له إياله مصر وأعطاها له تيمان وإقطاعا يستجاب خاطره ؛ فمضى إلى مصر واليا عليها ، وصار يتعقبه إبراهيم باشا للعداوة السابقة ، ويرميه بما يوجب قتله ؛ فبرر الأمر بجماعة من الأمراء المستحفظين بمصر ، أن يجتمعوا عنده ويقتلونه فى محله ويولى أحدهم مكانه ، إلى أن يرد الأمر الشريف السلطانى بكل بكى مصر.
وأرسلت هذه الأحكام إلى الأمراء المذكورين ؛ فوقعت تلك الأحكام بيد أحمد باشا قبل أن يصل الأمراء المذكورين ؛ فجمعهم فى ديوانه وذكر لهم أن الأمر الشريف السلطانى ورد إليه بقتلهم ؛ فأذعنوا للأمر الشريف ، فقتلهم.