الكفرة والفجار ؛ فعمل سبعين عرابا وسفائن مسمارية كبار لحمل الأثقال ورتب العساكر ، وقتل عند سفره جماعة لا ذنب لهم غير صدق خدمتهم وحسن الوفاء بعهدهم ؛ حسدا لهم على ما آتاهم الله من فضله منهم الأمير الخمراوى وولده الأمير يوسف ، وكان من الصناجق العظيمة ـ ختم الله لهما بالشهادة ، وقتل أيضا الأمير داود بن عم أمير الصعيد ، وكان كريما بذولا حافظا لبلاد الصعيد بغير ذنب أتاه.
ثم توجه إلى الهند وصلب صاحب عدن فى طريقه مع أنه فتح له باب عدن وزين له الأسواق بوصول العسكر المنصور السلطانى ، فبمجرد وصوله إليه صلبه على صارى الفنتينال ، جعل صنجقا فى عدن وتوجه إلى الهند ، وعاد منها إلى اليمن من غيري أن ينال كفار الأفرنج منه ضرر ، فكان الأمير أحمد صاحب زبيد إذ ذاك من جملة اللوند اللذين استولوا على تلك الديار ، فأعطاه الأمان وطلبه إلى عنده وقتله ، وولى موضعه أمين ممن كان معه ، وعاد إلى مكة فحج وعاد إلى مصر ، ثم إلى الباب العالى ، وأسفرت سفرته على أخذ زبيد وعدن ، وكان ظالما غاشما كثير السفك ، لا يعتمد له على عهد ولا يوثق له بأمان ، ولم يعهد منه شجاعة ولا إقدام ، وإنما يفتك بمن وقع فى يده مأسورا مغلولا ، ودعا له المرحوم السلطان سليمان خدمة والده السلطان سليم وصدقه فى الخدمة ، فولاه الوزارة العظمى عوضا عن لطفى باشا لما عزله ، واستمر وزيرا عظيما مده يسيره إلى أن عزله.
وولى مكانه فى الوزارة العظمى أحد الوزراء العظام رستم باشا فى سنة ٩٤١ ه ، وكان السلطان قد زوجه كريمته صاحبة الخيرات جانم سلطان بنت السلطان سليمان خان ، فملأ عين الوزارة وزين مداره ، وهو من جنس الأرنوت ممن مماليك السلطان سليم خان ، وكان ذكىّ المعيا حاذقا فطنا ذكيا ، ذا بال وسيع ، وفكر دقيق بديع ، جيد الحافظة ، حسن القريحة ، ثاقب الرأى حليما صبورا رزينا وقورا ، كامل العقل ، كثير الأدب ، اجتمع فيه من خصال الكمال ما لم يجتمع فى غيره من الرجال ، ولم يكن فيه خصلة شينة غير إفراط حب الدنيا والميل الشديد إلى جمعها بكرة وعشية ، وتلك خصلة