وما بلغ المهدون للناس مدحه |
|
وإن أطنبوا إلا الذى فيه أكمل |
وكانت وزارته فى سنة ٩٧٢ ه ، واستمر على وزارته وعظمته وصدارته إلى أن أظهر اليد البيضاء ، وكمال التدبير والمضى ، بحيث تحير العقلاء فى بيان جأشه وعدم نفرته واستيحاشه ، وضبط الجيش الأعظم وحفظ الخميس القرموم ، وهم فى أرض العداء وفى حومة القتال وقوة الحرب والكيّال وشدة الجدال والجلاد.
وقد توفى السلطان سليمان فى ذلك الحال ، فلم يقع شىء من الاختلال ، وانتظمت الأموال ، وأخذت قلعة مكنوار من القزال ، وهى محشوة بالعدد والعدد من الأفرنج الأبطال ، والسلطان فى السكرات والغمرات ، وكتم ذلك عن جميع خدامه ومن حوله من الأغاوات ، وأرسل إلى ولده السلطان السليم من مسافة ستين يوما وأجلسه على التخت ، وما وضعت الحرب أوزارها ، بل أضرمت المجاهدون نارها ، وغنمت المسلمون ، وأخذل الله فى هذا الحال طوائف الكفار اللئام ، وكان ذلك الاحتيال والتدبير بتدبير هذا الوزير الحاذق الفطن الكئيب ، ورائيه المنير الثاقب المصيب ، وتدارك بما يجب تداركه بالقلب الرحيم ، وكل ذلك الإلهام من الله الرقيب القريب.
هذا مع كثرة إحسانه ، وتواتر إنعامه ، وتوالى الطافة وإسعافه وإكرامه سيما أهل الحرمين الشريفين والتصدق عليهم ، والنظر باللطف والرأفة إليهم ، والإنعام فى كل عام على عموم الفقراء والصلحاء بألف دينار ، فأكثر الصدقة ومن عين ماله وأعماله الخير فى الحرمين الشريفين ، وأجرى عيونا ، وحفر آبارا وأربطة وأبنية للفقراء ، وغير ذلك من المآثرر الجليلة والخيرات الوافرة الجزيلة التى يحتمل أن تفرد بالتأليف ، وتورد فى تصنيف جليل لطيف ، وله مآثر فى أكثر بلاد الإسلام ، وقد أجرى عين الزّرقا بالمدينة الشريفة بعد ضعفها ، وأضاف إليها آبارا ، ومنها بئر «أريس» ، وهى بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون المثناة التحتية ؛ وأعمال خير معروفة بقباء ، من أعذب آبار المدينة.
ذكر المجد (الفيروزبادى) أن النبى صلىاللهعليهوسلم تفل فيها ، ووقع خاتم النبى