صلىاللهعليهوسلم من يد سيدنا ومولانا أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه وهو جالس فى حافة البئر ؛ وقد نزع الخاتم الشريف من يده ؛ فسقط فى البئر ؛ فأنزل فيها رجلا فلم يظفر به ، وركب عليهما اثنى عشر نازحا لينزحوها ؛ فغلبهم الماء ، ولم يوجد الخاتم فى عصرنا ، حمل حضرة الوزير الأعظم وبلا من مائها إلى مصب عين الزّرقا ، وصرف على ذلك أموالا جزيلة ؛ فقويت العين ، وأضاف إليها آبار مياه أخرى حلوى ، قوّى بها جريان عين الزّرقا ، إلى أن أجرى وبلا من مائها إلى باب الرحمة ، وجعل فيها موضعا يتوضأ فيه الناس لدخول المسجد الشريف ، وأجرى وبلا من مائها إلى حمام عظيم مكلف بناه فى المدينة الشريفة ، انتفع أهل المدينة والزوار ، ودعوا له بالخير ، وصار ثوابا جاريبا.
ومن خيراته : أنه وسع بئر ذى الحليفة ، ويقال لها : بئر على ، وهو ميقات أهل المدينة وأهل الشام للإحرام لدخول مكة ؛ فحفرها ونزل فى الأرض إلى أن جعل وجه الماء عشر فى عشر ؛ لأن لا ينجس بوقوع النجاسة فيها ، وجعل أحد جوانبها الأربع درجات تنزل من أعلاه إلى أسفله ، حيث كان محل الماء ، فصار كل واحد يرد إليه بسهولة ، بلا تكلف ولا احتياج إلى دلو وجهد ، وغير ذلك ، وهذا خير جزيل عظيم وثواب كثير جميل لا ينقطع أثره ، ولا يفنى خبره.
ومنها : أنه أمر أن يبنى له بمكة المشرفة بقرب الحرم الشريف موضع يكون مأوى للفقراء صونبا للمسجد الحرام عنهم ، وأن يبنى فيه مصاطب ومباسط تصلح للمرضى فتكون دار الشفاء لهم ، وأن يبنى من الخارج دكاكين وبيوت تكرى وتصرف فى مصالح هذا المكان ، وأمر ببناء حمام ـ فى وسط البلد ـ عظيمة الشأن طيب الهواء والماء ، وله رباط أخرى أيضا ، وخيرات كلها مثوبات عظمى ، ووردت صدقاته فى سنة ٩٧٤ ه مضاعفة ؛ ففرقت فى المسجد الشريف على الضعفاء والفقراء ، وتضاعف الدعاء منهم بحضرته الشريفة ولنجله السعيد ، بلغه الله ـ تعالى ـ مراتب الكمال ورزقه السعادة والإقبال ، والله تعالى يطيل بقاؤه ويديم عزه وعلاه ، ويثبت وزارته العظمى