الممالك الشريفة السلطانية العثمانية ، فى أيام دولة المرحوم السلطان الأعظم ، السلطان سليم خان ، أسكنه الله تعالى فسيح الجنات ، وحف روضته الطيبة الطاهرة بالروح والريحان ، وكان أول فتحها الخاقانى على يد الوزير المعظم سليمان باشا الخادم بكلاريكن مصر.
لما توجه الخاقانى على يد الوزير المعظم سليمان باشا ، توجه إلى الهند ؛ لغزو الإفرنج البريقان فى سنة ٩٤٥ ه ، وأقام بكلاربكيا ، واستمر كذلك فى تصرف الكلربكى الذى تول من الباب الشريف السلطانى ، يتولاها واحدا بعد واحدا ، إلى أن وزعت المملكة بين بكلاربكيين بعرض المرحوم باشا محمود ، إن مملكة اليمن واسعة ، يمكن أن يولى من أعلى الجبال ، من صنعا إلى تعز بكلاريكى ، ويتولى فى التهائم ، وهن زبيد وسائر السواحل والبنادر بكلاربكن أخر.
وكان هذا عين الخطأ ، فإن ذلك مظنة الاختلاف والجدال ، كما قال الله الحكيم المتعال : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(١) ، فقيل : إعراضه فى الباب العالى ، قصدا إلى تكثير المناصب وتعدد البكلاربكية ؛ فولى أعلى اليمن وجبالها مراد باشا وكان يقال له : كور مراد باشا ، وكان يقال له : كور مراد لخلل كان بإحدى عينيه ، وكان خرج من سراى السلطان ، وكان من أمراء الصناجق ، وصار أمير الحاج الشامى ، ثم ولى صنجق غزة ، أعطى مملكة اليمن ، وولى جهة التهائم لحسن باشا ، وهو أيضا من المماليك السلطانية ، برز من سراى السلطان ؛ فانقسمت عساكرها وأموالها ومحصولها إلى نصفين ، وضعف أمر كل واحد منهما.
وكان مطهر بن شرف الدين يحيى الزبيدى لعب الشيطان بعقله ، ووسوست له نفسه بالعصيان ، وكان داعية العصيان مضمرة فى خاطره ، طمعا فى الملك ، فصادف انقسام المملكة وصول خبر وفاة المرحوم السلطان سليمان خان ، فأظهر العصيان هو ولفيفه من العربان ، وجهز أمير من أمرائه
__________________
(١) الآية سبقت الإشارة إليها.