ونصبوا بقرب القلعة المنجينقات والمدافع ، ووجهت إلى صوب الكفرة أفواه المكاحل الكبار والمصانع.
وبرز حضرة الوزير الأعظم سنان باشا محفوفا بنصر الله ، يخوض هول الموت ، وهو يراه محتسبا نفسه فى سبيل الله ، معتمدا على عون معين بصير ، تسجد لعظمته الجباه ، وأقدمت العساكر المنصورة بصدق اعتقادها ، وثبتت النصارى ، بغلظ أكبادها ، وشبه أحفادها ، وتراموا بالمدافع الكبار ، التى هى من أشد الصواعق ، وأخطف للأسماع والأبصار من الرعود البوارق تخطف ما صدفت من النفوس والأرواح ، وتمزق ما هدمت من الهياكل والأشياح ، وتفك اللحم عن العظم ، وتذيب الشحم ، وتسيل الدم والعساكر المنصورة ، يقدمون على هذه الأهوال ، ثابتون ثبات الأطواد والجبال ، على الحرب والقتال والجهاد مع المشركين والجلاد ، إذ ورد الخبر بوصول بكلاربكى تونس المتولى عليها من قبل السلطنة العثمانية الشريفة ، أمير الأمراء الكرام ، كبير الكبراء المجاهدين العظام ، حيدر باشا ، وكذلك بكلاربكى طرابلس الغرب أمير الأمراء العظام ، كبير الكبراء الطعام ، ذو القدر والعظمة والاحتشام ، مصطفى باشا أيدهما الله تعالى ، بالنصر والتأييد ، وظفرهما على كل كافر عنيد ، وكانوا وصلوا قبيل وصول العمائر الشريفة السلطانية إلى البر ، إلى مقدار نصف يوم عن تونس ، بقصد محاصرتها وأخذها.
فلما علما البكلاربكيان بوصول العمائر السلطانية إلى حلق الواد ، واشتغال العسكر المنصور بالجهاد ، وصلا ليلا بالخفية مع قليل من الغلمان إلى وطاق سردار العمارة المنصورة ، الوزير المعظم سنان باشا وأمراها أن يتوجه معهما بنفسه ، فأمر طائفة من أمرائه ، وعين نحو ألف نفر من التوفكجية ، وبعض المدافع الكبار والضربزنات ، أن يتوجهوا مع البكلاربكين إلى محاصرة تونس ، وأخذها من النصارى الفجار ، وأرسل معهما من أمراء الصناجق ، فخر الأمراء العظام ، إبراهيم بيك ، من صناجق مصر المحروسة ، وصنجق فرس محمود بيك ، وصنجق قرة حصار بكلاربكى ، ومقدار ألفى نفر من