قال الحافظ أبو القاسم السهيلى (١) فى الفصل الذى عقده لبنيان الكعبة : «وكان بناؤها الأول ، بناها شيث بن آدم عليهالسلام». انتهى.
أو لعل مراد السهيلى بالأولوية : بالنسبة إلى بناء البشر ، لا الملائكة ، وأن بناء آدم عليهالسلام إنما هو الأساس إلى أن ساوى وجه الأرض ، وأنزل الله من الجنة البيت المعمور ، فوضعه على ذلك الأساس.
والمراد بالخيمة المشار إليها فى خبر وهب بن منبه رضياللهعنه هو البيت المعمور ، ولعلها رفعت بعد وفاة آدم عليهالسلام ، وأبقى البيت المعمور إلى أن رفع فى زمن الطوفان.
وفى ذلك من ارتكاب المجاز ما يصح هذه الروايات المتباينة ظواهرها ؛ والله أعلم.
الرابع : بناء إبراهيم الخليل عليهالسلام:
قال السيد الإمام التقى الفاسى رحمهالله : «أما بناء الخليل عليهالسلام فهو ثابت بالكتاب والسنة الشريفة ، وهو أول من بنى البيت ؛ على ما ذكره الفاكهى ، عن على بن أبى طالب (كرّم الله وجهه).
وجزم الشيخ عماد الدين بن كثير فى تفسيره ، وقال : لم يرد عن معصوم أن البيت كان مبنيا قبل الخليل عليهالسلام». انتهى. فهو ينكر ما قدمناه من الآثار.
__________________
(١) أبو القاسم السهيلى ؛ هو : عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبغ بن حسن بن حسين بن سعدون الخثعمى الأندلسى المالقى ؛ أبو القاسم ، وأبو زيد ، صاحب «الروض الأنف» ، و «التعريفات فى مبهمات القرآن» ، وغير ذلك. ولد سنة ٥٠٨ ه ، سمع من ابن العربى وطائفة ، وأخذ النحو والأدب عن ابن الطراوة والقراءات عن أبى داود والصغير ؛ سليمان ابن يحيى ، كان جامعا بين علوم كثيرة ؛ التاريخ والحديث والتفسير وأصول الفقه وعلم الرجال والأنساب. مات السهيلى سنة ٥٨١ ه. طبقات الحفاظ : ٤٧٨ ، ٤٧٩ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٣١٩ ، طبقات المفسرين : ١ / ٢٦٦ ، أنباه الرواه : ٢ / ١٦٢ ، وفيات الأعيان : ١ / ٢٨٠.