الرملة وإيلياء ، وهو يضيف من يأتيه ، وقد وسع الله عليه ، وبسط له من الرزق والمال والخدم ، فلما أراد الله تعالى هلاك قوم لوط بعث رسله يزمرونه بالخروج من بين ظهرانيهم ، وأمرهم أن يبشروا ، فيبشرون سارة بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، فلما نزلوا عليهم سر بهم ، فقال : لا يخدم هؤلاء القوم إلا أنا ، فخرج ، فجاء بعجل سمين مشوى بالحجارة ، فقربه إليهم ، فأمسكوا أيديهم ، فنكرهم ، وأوجس منهم خيفة ؛ حيث لم يأكلوا من طعامه ، ثم قالوا : لا تخف ، إنا أرسلنا إلى قوم لوط ، وامرأته سارة قائمة تخدمهم ، فبشروه بإسحاق ، ومن وراء إسحاق يعقوب ، فضحكت سارة.
قال ابن عباس : ضحكت تعجبا من أن يكون له ولد على كبر سنها ، وكانت بلغت تسعين سنة ، وبلغ إبراهيم مائة وعشرين سنة.
وقال مجاهد وعكرمة : تقول العرب : «ضحكت الأرنب إذا حاضت».
قال السندى : «حملت سارة بإسحاق ، وكانت حملت هاجر بإسماعيل ، فوضعتا ، وشبا الغلامان ، فتسابقا ، فسبق إسماعيل ، وأخذه إبراهيم ، وأجلسه فى حجره ، وأخذ إسحاق إلى جانبه ، فغضبت سارة ، فقالت : عمدت إلى ابن الأمة فأجلسته فى حجرك ، وعمدت إلى ابنى فأجلسته إلى جنبك ، فأخذها ما يأخذ النساء من الغيرة ، فحلفت لتقطعن منها بضعة ، ولتغيرن خلقها ، ثم عاد إليها عقلها ، فتحيرت فى يمينها.
قال إبراهيم : اخفضيها ، واثقبى أذنها ، ففعلت ذلك ، فصارت سنة فى السناء. والخفاض ؛ بالمعجمات ، للنساء كالختان للرجال.
ثم تضارب إسماعيل وإسحاق كما يتهارش الأطفال ، فغضبت سارة على هاجر ، وحلفت أن لا تساكنها فى بلد واحد ، وأمرت إبراهيم أن يعزلها عنها فأوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن يأتى بهاجر وابنها إلى مكة ، فذهب بهما ، حتى قدم مكة ؛ وهى إذ ذاك عضاة وسلم ، وموضع البيت ربوة حمراء ، فعمد بهما إلى موضع الحجر ؛ بسكون الجيم ، فأنزلهما فيه ، وأمرهما أن