الانقباض ، مع استبداده بالدولة ، وتحكّمه في سائر أحوالها ، وجاءتني كتب السّلطان أبي عبد الله صاحب بجاية ، بأنّه استولى عليها في رمضان خمس وستين. واستدعاني إليه ، فاستأذنت السّلطان ابن الأحمر في الارتحال إليه. وعمّيت عليه شأن ابن الخطيب إبقاء لمودته ، فارتمض (١) لذلك ، وم يسعه إلا الإسعاف ، فودّع وزوّد ، وكتب لي مرسوم بالتشييع من إملاء الوزير ابن الخطيب نصّه :
هذا ظهير كريم ، تضمن تشييعا وترفيعا ، وإكراما وإعظاما ، وكان لعمل الصّنيعة ختاما ، وعلى الذي أحسن تماما ، وأشاد للمعتمد به (٢) بالاغتباط الذي راق قساما (٣) وتوفر أقساما ، وأعلن له بالقبول إن نوى بعد النوى رجوعا أو آثر على الظعن المزمع مقاما.
أمر به ، وأمضى العمل بمقتضاه وحسبه ، الأمير عبد الله محمد ابن مولانا أمير المسلمين أبي الحجاج ابن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد بن نصر ، أيّد الله أمره ، وأعزّ نصره ، وأعلى ذكره ، للوليّ الجليس ، الحظيّ المكين ، المقرّب الأودّ الأحبّ ، الفقيه الجليل ، الصدر الأوحد ، الرئيس العلم ، الفاضل الكامل ، المرفّع الأسمى ، الأظهر الأرضى ، الأخلص الأصفى ، أبي زيد عبد الرحمن بن الشيخ الجليل ، الحسيب الأصيل ، الفقيه المرفّع المعظم ، الصّدر الأوحد الأسمى ، الأفضل الأكمل ، الموقّر المبرور ، أبي يحيى أبي بكر ، ابن الشيخ الجليل الكبير ، الرفيع الماجد ، القائد الحظي ، المعظم الموقر ، المبرور المرحوم ، أبي عبد الله بن خلدون. وصل الله له أسباب السعادة ، وبلّغه من فضله أقصى الإرادة ، أعلن بما عنده ، أيده الله ، من الاعتقاد الجميل في جانبه المرفّع ، وإن كان غنيّا في الإعلان. وأعرب عن معرفته بمقداره ، في الحسباء العلماء الرؤساء الأعيان ، وأشاد باتصال رضاه عن مقاصده البرّة وشيمه الحسان ، من لدن وفد بابه ، وفادة العز الراسخ البنيان ، وأقام المقام الذي عيّن له رفعة المكان ، وإجلال الشان ، إلى أن عزم على قصد وطنه ، أبلغه الله ذلك في ظلّ اليمن
__________________
(١) ارتمض لكذا : حزن ، وارتمض بكذا : اشتد قلقه.
(٢) كذا بالأصول.
(٣) القسام : الجمال والحسن.