وبين شيخها أحمد بن يوسف بن مزنى ، وبين أبيه ؛ فأكرم ، وبرّ ، وساهم في الحادث بماله وجاهه.
مشايعة أبي (١) حمو صاحب تلمسان
كان السّلطان أبو حمّو قد التحم ما بينه وبين السّلطان أبي عبد الله صاحب بجاية بالصّهر في ابنته ، وكانت عنده بتلمسان. فلمّا بلغه مقتل أبيها ، واستيلاء السّلطان أبي العبّاس ابن عمّه صاحب قسنطينة على بجاية ، أظهر الامتعاض لذلك. وكان أهل بجاية قد توجّسوا (٢) الخيفة من سلطانهم ، بإرهاف حدّه ، وشدّه سطوته ، فانحرفوا عنه باطنا ، وكاتبوا ابن عمّه بقسنطينة كما ذكرناه.
ودسّوا للسلطان أبي حمّو بمثلها يرجون الخلاص من صاحبهم بأحدهما. فلمّا استولى السّلطان أبو العبّاس ، وقتل ابن عمّه ، رأوا أنّ جرحهم قد اندمل ، (٣) وحاجتهم قد قضيت ، فاعصو صبوا عليه ؛ وأظهر السّلطان أبو حمّو الامتعاض للواقعة يسرّ منه حسوا في ارتغاء ، (٤) ويجعله ذريعة للاستيلاء على بجاية ، بما كان يرى نفسه كفؤها بعدّه وعديده ، وما سلف من قومه في حصارها ، فسار من تلمسان يجرّ الشوك والمدر ، (٥) حتى خيّم بالرّشّة من ساحتها ، ومعه أحياء زغبة بجموعهم وظعائنهم ، من لدن تلمسان ، إلى بلاد حصين ، من بني عامر ، وبني يعقوب ، وسويد ، والدّيالم والعطّاف ، وحصين.
__________________
(١) هو أبو حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن بن زيان. انظر الاستقصا ٢ / ١٠٣ ، بغية الرواد في أخبار بني عبد الواد ١ / ١٢٦ ـ ١٣٢.
(٢) توجسوا الخيفة : وقع في نفوسهم الخوف.
(٣) اندمل الجرح : برئ.
(٤) يشرب اللبن خفية ، ويتظاهر بأنه يأخذ الرغوة. وهو مثل يضرب لمن يظهر أمرا وهو يريد غيره.
(٥) ينظر إلى المثل : «جاء بالشوك والشجر». انظر الميداني ١ / ١١٠ ؛ ويكنّي بذلك عن كثرة جيشه ، فلقد كان ١٥ ألفا. انظر بغية الرواد ٢ / ١٨٢.