الأوّل ، فعلام المعوّل ، أعيت مراوضة الفراق ، عمل الرّاق ، وكادت لوعة الاشتياق ، أن تفضي إلى السياق. (١)
تركتموني بعد تشييعكم |
|
أوسع أمر الصبر عصيانا |
أقرع سنّي ندما تارة |
|
واستميح الدمع أحيانا |
وربّما تعلّلت بغشيان المعاهد الخالية ، وجدّدت رسوم الأسى بمباكرة الرسوم البالية ، اسأل نون النّؤى (٢) عن أهليه ، وميم الموقد المهجور عن مصطليه ، وثاء الأثافي (٣) المثلثة عن منازل الموحّدين ، وأحار وبين تلك الأطلال حيرة الملحدين ، لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، كلفت لعمر الله بسال (٤) عن جفوني المؤرّقة ، ونائم عن همومي المتجمّعة والمتفرّقة. ظعن عن ملال ، لا متبرّما منا بشرّ خلال ، وكدّر الوصل بعد صفائه ، وضرّج النّصل بعد عهد وفائه.
أقلّ اشتياقا أيها القلب إنّما |
|
رأيتك تصفي الودّ من ليس جازيا |
فها أنا أبكي عليه بدم أساله ، وأندب في ربع الفراق آسى له ، (٥) وأشكو إليه حال قلب صدعه ، وأودعه من الوجد ما أودعه ، لما خدعه ، ثم قلاه وودّعه ، وأنشق ريّاه أنف ارتياح قد جدعه ، وأستعديه على ظلم ابتدعه.
__________________
(١) ساق المريض : شرع في نزع الروح.
(٢) النّؤى : الحفير حول الخباء أو الخيمة يمنع عنها السيل.
(٣) الأثافي : أحجار توضع عليها القدر ، واحدها أثفية.
(٤) سال : ناس.
(٥) آسى له : أحزن له.