باستنزال اللطف الموجود ، في أسر الوجود. (١) أمليته في هذه الأيام التي أقيم بها رسم النيابة عن السّلطان في سفره إلى الجهاد. بودّي لو وقفتم عليه. وعلى كتابي في المحبّة ، وعسى الله أن ييسّر ذلك.
ومع هذا كلّه. والله ما قصرت في الحرص على إيصال مكتوب إليكم. إما من جهة أخيكم ، أو من جهة السيّد الشّريف أبي عبد الله. حتى من المغرب إذا سمعت الرّكب يتوجّه منه فلا أدري هل بلغكم شيء من ذلك أم لا. والأحوال كلّها على ما تركتموها عليه. وأحبابكم بخير ، على ما علمتم من الشوق والتشوف والارتماض (٢) لمفارقتكم. ولا حول ولا قوّة إلا بالله.
والله يحفظكم ، ويكون لكم ، ويتولّى أموركم ، والسلام عليكم ورحمة الله. من المحبّ الواحش الشّيخ ابن الخطيب. في غرة ربيع الثاني من عام أحد وسبعين وسبعمائة.
وبباطنه مدرجة نصّها :
سيّدي رضي الله عنكم. استقرّ بتلمسان ، في سبيل تقلّب ومطاوعة مزاج تعرفونه. صاحبنا المقدّم في صنعة الطب أبو عبد الله الشّقوري. فإن اتّصل بكم فأعينوه على ما يقف عليه اختياره وهذا لا يحتاج معه إلى مثلكم. (٣)
عنوانه : سيّدي ومحلّ أخي. الفقيه الجليل. الصدر الكبير المعظم ، الرئيس الحاجب ، العالم الفاضل ، الوزير ابن خلدون. وصل الله سعده ، وحرس مجده ، بمنّه.
وإنما طولت بذكر هذه المخاطبات ، وإن كانت ، فيما يظهر ، خارجة عن غرض الكتاب. لأن فيها كثيرا من أخباري. وشرح حالي. فيستوفي ذلك منها من يتشوف إليه من المطالعين للكتاب.
__________________
(١) ذكره المقري في نفح الطيب ٤ / ٢٤٤ ، بين مؤلفات ابن الخطيب بهذا العنوان : «استنزال اللطف الموجود ، في سر الوجود».
(٢) الحزن لمفارقتكم.
(٣) كذا في الأصول ؛ والمراد أن ما يختاره لا يحتاج في اختياره إلى مثلكم.