الله (من) (١) المعقل أن يعترضونا بحدود بلادهم من رأس العين (٢) مخرج وادي زا (٣) فاعترضونا هنالك ، فنجا من نجا منّا على خيولهم إلى جبل دبدو ، (٤) وانتهبوا جميع ما كان معنا ، وأرجلوا الكثير من الفرسان وكنت فيهم ، وبقيت يومين في قفره ، ضاحيا (٥) عاريا إلى أن خلصت إلى العمران ، ولحقت بأصحابي بجبل دبدو ، ووقع في خلال ذلك من الألطاف ما لا يعبّر عنه ، ولا يسع الوفاء بشكره. ثم سرنا إلى فاس ، ووفدت على الوزير أبي بكر ، وابن عمّه محمد بن عثمان بفاس ، في جمادى من السّنة ، وكان لي معه قديم صحبة واختصاص ، منذ نزع معي إلى السّلطان أبي سالم بجبل الصّفيحة ، عند إجازته من الأندلس ، لطلب ملكه ، كما مرّ في غير موضع من الكتاب ، (٦) فلقيني من برّ الوزير وكرامته ، وتوفير جرايته وإقطاعه ، فوق ما أحتسب ، وأقمت بمكاني من دولتهم أثير المحلّ ، نابه الرّتبة ، عريض الجاه ، منوّه المجلس. ثم انصرم فصل الشّتاء ، وحدث بين الوزير أبي
__________________
(١) الزيادة عن العبر ٧ / ٣٣٦ ، ٤٤٠.
(٢) يعرف رأس العين الآن بعين بني مطهر (Beni mat\'har Ain) ؛ وهي منابع تقع في شرق مدينة دبدو ، وبها مركز حربي تابع لبركان (Berguent) وانظر بغية الرواد ـ الترجمة الفرنسية ٢ / ٦٢.
(٣) كتبه ابن خلدون صادا في وسطها زاي ـ إشارة إلى أن نطقه بين الصاد والزاي. ويقع هذا الوادي في جنوب عين البرديل ـ عن يمين وادي ملوية ـ بنحو ٥١ كيلومترا. وانظر بغية الرواد ـ الترجمة الفرنسية ٢ / ٢٩٩ ، ٣٠٠.
(٤) مدينة قرب الحدود الشرقية للمغرب الأقصى ، تبعد عن مدينة تاوريرت Taurirt نحو الجنوب الغربي بنحو ٥٢ كيلومترا ، وعن مدينة كرسيف Guercif نحو الجنوب بما يقرب من ٥١ كيلومترا.
وقد احتلها الفرنسيون منذ سنة ١٩١١ م. وانظر ما كتبه Nehlil في :
Notice sur Ies tribus de la region de Debdou, dans le Bull. De la Soc. de Geog. d\'Alger, ler tirm ١١٩١ P. ٠٤ ـ ٧٦.
وانظر : EncycloPedie de I\'Islam Par ,A.Caur
(٥) الضاحي : الذي لا يستره حائط ولا غيره ، فيصيبه حرّ الشمس وأذاها.
(٦) انظر مثلا العبر ٧ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦.