بكر بن غازي ، وبين السّلطان ابن الأحمر ، منافرة بسبب ابن الخطيب ، (١) وما دعا إليه ابن الأحمر من إبعاثه عنهم ، وأنف الوزير من ذلك ، فأظلم الجو بينهما ، وأخذ الوزير في تجهيز بعض القرابة من بني الأحمر ، للإجلاب على الأندلس ، فبادر ابن الأحمر إلى إطلاق الأمير عبد الرحمن بن أبي يفلّوسن من ولد السّلطان أبي علي ، والوزير مسعود بن رحّو بن ماساي ، (٢) كان حبسهما أيام السّلطان عبد العزيز ، وبإشارته بذلك لابن الخطيب حين كان في وزارته بالأندلس ، (٣) فأطلقهما الآن ، وبعثهما لطلب الملك بالمغرب ، وأجازهما في الأسطول إلى سواحل غساسة ، (٤) فنزلوا بها ، ولحقوا بقبائل بطوية هنالك ، فاشتملوا عليهم ، وقاموا بدعوة الأمير عبد الرحمن ، ونهض ابن الأحمر من غرناطة في عساكر الأندلس ، فنزل على جبل الفتح يحاصره ، وبلغت الأخبار بذلك إلى الوزير أبي بكر بن غازي القائم بدولة بني مرين ، فجهّز لحينه ابن عمّه محمد بن الكاس (٥) إلى سبتة لإمداد الحامية الذين لهم بالجبل ، ونهض هو في العساكر إلى بطوّية لقتال الأمير عبد الرحمن ، فوجده قد ملك تازى ، فأقام عليها يحاصره ، (٦) وكان السّلطان عبد
__________________
(١) انظر القول المفصّل في هذا في العبر ٧ / ٣٣٢ ـ ٣٣٦ ، ٣٤١ ـ ٣٤٢ ، الاستقصا ٢ / ١٣٢.
(٢) هو مسعود بن عبد الرحمن بن ماساي. تولى محاربة أبي حمو ، وإخراجه من تلمسان سنة ٧٦٠ في أيام أبي عنان. له في حوادث المغرب مواقف تجدها في الاستقصا ٢ / ١٠٣ ، ١٠٤ ، ١٣٢. ورحو ـ في اللغة البربرية ـ تصغير عبد الرحمن.
(٣) كان ذلك سنة ٧٧٤ ه. وانظر خبره بأوسع ممّا هنا في العبر ٧ / ٣٣٨.
(٤) تقع أرض غساسة عند مصب وادي ملوية ، وهناك أيضا كانت قبائل بطوية. وانظر العبر ٦ / ١٠١ ، ١٠٢.
(٥) هو محمد بن عثمان بن الكاس المجدولي. له ترجمة في جذوة الاقتباس ص ٥٥. وفي العبر ٧ / ٣٥١ ، بعض أخباره ، ومقتله.
(٦) يختلف المعنى قليلا عما هنا في رواية العبر ، التي يقول فيها : «... ونازل عبد الرحمن ببطوية ، وقاتله أياما ، ثم رجع إلى تازا ، ثم إلى فاس ، ودخل الأمير عبد الرحمن تازا الخ». العبر ٧ / ٣٣٨.