الخيول الرائعة لمهاداة الملك الظّاهر ، وأحسن في انتقاء أصناف الهدية ، فعاجلته المنيّة دون ذلك ، وولي ابنه أبو فارس ، (١) وبقي أياما ثمّ هلك ، وولى أخوه أبو عامر ، (٢) فاستكمل الهدية ، وبعثها صحبة يوسف بن علي الوارد الأول.
وكان السّلطان الملك الظاهر ، لما أبطأ عليه وصول الخيل من المغرب ، أراد أن يبعث من أمرائه من ينتقي له ما يشاء بالشّراء ، فعيّن لذلك مملوكا من مماليكه منسوبا إلى تربية الخليلي ، اسمه قطلوبغا ، (٣) وبعث عنّي ، فحضرت بين يديه ، وشاورني في ذلك فوافقته ، وسألني كيف يكون طريقه ، فأشرت بالكتاب في ذلك إلى سلطان تونس من الموحّدين ، (٤) وسلطان تلمسان من بني عبد الواد ، وسلطان فاس والمغرب من بني مرين ، وحمّله لكل واحد منهم هدية خفيفة من القماش والطيب والقسيّ ، وانصرف عام تعة وتسعين إلى المغرب ، وشيّعه كل واحد من ملوكه إلى مأمنه. وبالغ في إكرامه بما يتعيّن. ووصل إلى فاس ، فوجد الهدية قد استكملت ، ويوسف بن عليّ على المسير بها عن سلطانه أبي عامر من ولد السّلطان أبي العبّاس المخاطب أوّلا ، وأظلّهم عيد الأضحى بفاس ، وخرجوا متوجّهين إلى مصر ، وقد أفاض السّلطان من إحسانه ، وعطائه ، على الرّسول قطلوبغا ومن في جمّلته بما أقرّ عيونهم ،
__________________
(١) هو أبو فارس عبد العزيز بن أبي العباس بن أبي سالم ، ولي سنة ٧٩٦ بعد وفاة أبيه أبي سالم ، وتوفى سنة ٧٩٩. الاستقصا ٢ / ١٤١.
(٢) أبو عامر عبد الله بن أبي العباس بن أبي سالم ، بويع بعد أخيه أبي فارس عبد العزيز سنة ٧٩٩ ، وتوفى سنة ٨٠٠. الاستقصا ٢ / ١٤٢.
(٣) هو قطلوبغا بن عبد الله المتوفى سنة ٨٢١. تولى نيابة الإسكندرية والحجابة أيام الظاهر ، ونيابة الإسكندرية أيام المؤيد. قال في المنهل : وأظنه مماليك جاركس الخليلي أمير أخور ، والله أعلم. عقد الجمان للعيني (سنة ٨٠٠ لوحة ٢٩ ، ٣٠) ، نسخة دار الكتب المصرية ، المنهل الصافي (نسخة نور عثمانية ٢ / ٣٠٧ ب).
(٤) هو أبو العباس أحمد بن محمد أبي بكر بن أبي حفص الموحدي. وقد ذكر في العبر ٥ / ٥٠٠ صلته بالملك الظاهر ، والعلاقة الودية التي كانت بينهما ، وفرح أبي العباس بعودة الملك الظاهر إلى ملكه ، ومتابعته لأخبار الملك الظاهر.