وأطلق بالشكر ألسنتهم ، وملأ بالثناء ضمائرهم ، ومرّوا بتلمسان ، وبها يومئذ أبو زيّان ، ابن السّلطان أبي حمّو من آل يغمراسن بن زيّان ، فبعث معهم هدية أخرى من الجياد بمراكبها ، وكان يحوك الشّعر ، فامتدح الملك الظّاهر بقصيدة بعثها مع هديته ، ونصّها من أولها إلى آخرها :
لمن الرّكائب سيرهن ذميل (١) |
|
والصّبر ـ إلّا بعدهن ـ جميل |
يا أيها الحادي رويدك (٢) إنّها |
|
ظعن (٣) يميل القلب حيث تميل |
رفقا بمن حملته فوق ظهورها |
|
فالحسن فوق ظهورها محمول |
لله آيه أنجم : شفّافة |
|
تنجاب عنها للظلام سدول |
شهب بآفاق الصدور طلوعها |
|
ولها بأستار الجدول أفول |
في الهودج المزرور منها غادة |
|
تزع الدّجى بجبينها فيحول |
فكأنها قمر على غصن على |
|
متني كثيب والكثيب مهيل |
ثارت مطاياها فثار بي الهوى |
|
واعتاد قلبي زفرة وغليل |
أومت لتوديعي فغالب عبرتي |
|
نظر تخالسه العيون كليل |
__________________
(١) الذميل : ضرب من سير الإبل فوق التزيد.
(٢) رويدك : اسم فعل بمعنى أمهل.
(٣) جمع ظعينة ؛ وهي المرأة تكون في الهودج ، والهودج نفسه.