العربي الحصايري ، وكان إماما في النحو وله شرح مستوفى على كتاب التسهيل. ومنهم أبو عبد الله محمد بن الشواش الزّرزالي. ومنهم أبو العبّاس أحمد بن القصّار ؛ كان ممتعا في صناعة النحو ، وله شرح على قصيدة البردة المشهورة في مدح الجناب النبوي ، وهو حيّ لهذا العهد بتونس.
ومنهم : إمام العربية والأدب بتونس ، أبو عبد الله محمد بن بحر ؛ لازمت مجلسه ، وأفدت عليه ، وكان بحرا زاخرا في علوم اللسان. وأشار عليّ بحفظ الشعر ، فحفظت كتاب الأشعار الستّة ، والحماسة للأعلم ، (١) وشعر حبيب ، (٢) وطائفة من شعر المتنبي ، (٣) ومن أشعار كتاب الأغاني. (٤) ولازمت أيضا مجلس إمام المحدثين
__________________
(١) يوسف بن سليمان بن عيسى النحوي الشنتمرى المعروف بالأعلم (٤١٠ ـ ٤٧٦). بغية الوعاة ٤٢٢ ، وفيات ٢ / ٤٦٥.
(٢) حبيب بن أوس بن الحارث الطائي أبو تمام (١٩٠ ـ ٢٢٦) : شاعر غني عن التعريف.
(٣) أحمد بن الحسين بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي الشاعر المعروف (٣٠٣ ـ ٣٥٤) وفيات ١ / ٤٤.
(٤) ليس بعيدا أن يكون ابن خلدون قد قرأ كتاب الأغاني ، وحفظ منه بعض أشعاره ؛ فقد كان الكتاب في مكتبة الناصر الأموي بالأندلس ، وملك منه أبو بكر بن زهر نسخة ، وهو ما يزال في ربيع الشباب ، وحكى عن أبيه أن ابن عبدون كان من محفوظاته كتاب الأغاني ، وقد نقل عنه السّهيلي في الروض الأنف مرات كثيرة. وإذن فتداول كتاب الأغاني بين العلماء ، والحفظ من أشعاره ، كان متعارفا بين القوم منذ الزمن البعيد ، ولم يكن ابن خلدون بحيث يعجز عن امتلاك الأغاني ، أو رؤيته ، والاستفادة منه ، وقد تقلب في المناصب العليا لدول متعددة هناك. على أن الرجل قد نقل من كتاب الأغاني في تاريخه نصوصا طويلة نجدها في الصفحات ١٩ ، ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، ٢٨٦ ـ ٢٨٨ من الجزء الثاني. وقد جاء في مقدمته في : «فصل في أن نهاية الحسب في العقب الواحد أربعة آباء» نص نقله عن الأغاني ، يدل على أنه رأى الكتاب ، واستفاد منه في إسناد نظرياته وتقريرها في المقدمة.
فلا محل للريبة أيضا في قوله عند تقرير كتاب الأغاني في المقدمة ص ٢٨٥ طبع بولاق : «وهو الغاية التي يسمو إليها الأديب ، ويقفعندها ، وأنّى له بها». (وفي فلسفة ابن خلدون الاجتماعية ص ١٢ رأي يخالف هذا).
المعجب للمراكشي ص ٥٤ ، نفح الطيب ١ / ١٨٠ ، تاريخ ابن خلدون ٤ / ١٦٤.