الكبير بين القراءات السبع ، من طريق أبي عمرو الداني ، (١) وابن شريح ، (٢) في ختمة لم أكملها ، وسمعت عليه عدة كتب ، وأجازني بالإجازة العامة.
ومنهم شيخ العلوم العقلية ، أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي. (٣) أصله من تلمسان ، وبها نشأ ، وقرأ كتب التعاليم ، وحذق فيها ؛ وأظله الحصار الكبير بتلمسان أمام المائة السابعة ، فخرج منها ، وحجّ ، ولقي أعلام المشرق يومئذ ، فلم يأخذ عنهم ؛ لأنّه كان مختلطا بعارض عرض في عقله. ثم رجع من المشرق ، وأفاق ، وقرأ المنطق والأصلين ، على الشيخ أبي موسى عيسى بن الإمام ؛ وكان قرأ بتونس ، مع أخيه أبي زيد عبد الرحمن ، على تلاميذ ابن زيتون (٤) الشهير الذكر ؛ وجاء إلى تلمسان بعلم كثير من المعقول والمنقول ، فقرأ الآبلي على أبي موسى منهما كما قلناه. ثم خرج من تلمسان هاربا إلى المغرب ، لأن سلطانها يومئذ ، أبو حمّو من ولد يغمراسن بن زيّان ، كان يكرهه على التّصرف في أعماله ، وضبط الجباية بحسبانه ، ففرّ إلى المغرب ،
__________________
(١) عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الداني ، نسبة إلى دانية : مدينة بشرق الأندلس ، (٣٧١ ـ ٤٤٤) له كتاب التيسير في القراءات السبع ، والمقنع في رسم المصحف وغيرهما.
طبقات القراء ١ / ٥٠٣ ، نفح الطيب ١ / ٣٨٦.
(٢) محمد بن شريح بن أحمد بن محمد أبو عبد الله الأشبيلي المقرئ (٣٨٨ ـ ٤٧٦) له كتاب الكافي وهو من مخطوطات مكتبه تيمور ، وكتاب التذكير. طبقات القراء ٢ / ١٥٣.
(٣) الآبلى بمدة ، وموحدة مكسورة. وسيعيد ابن خلدون الحديث عنه مرة أخرى بأوسع مما هنا.
(٤) القاسم بن أبي بكر بن مسافر شهر بابن زيتون ، يكني أبا القاسم (٦٢١ ـ ٦٩١) رحل إلى المشرق ، وأخذ عن علمائه ، ورجع إلى تونس ، فتولّى بها الإفتاء والقضاء ؛ وهو أول من أظهر تآليف فخر الدين الرّازي بتونس ، حيث كان يقرئها. (ديباج ص ٩٩ ، أحمد بابا ص ٢٢٢).