بتلمسان ، وأحلّه محلّ التّكرمة ، ونظمه في طبقة أشياخه من العلماء. وكان يقرأ عليه ، ويأخذ عنه ، إلى أن هلك بفاس ، (١) سنة سبع وخمسين وسبعمائة. وأخبرني رحمهالله أن مولده بتلمسان سنة إحدى وثمانين وستّمائة.
وأما عبد المهيمن كاتب السّلطان أبي الحسن ، فأصله من سبتة ، وبيتهم بها قديم ، ويعرفون ببني عبد المهيمن ؛ وكان أبوه محمد قاضيها أيام بني العزفيّ ، ونشأ ابنه عبد المهيمن في كفالته ، وأخذ عن مشيختها. واختصّ بالأستاذ أبي إسحق الغافقي. (٢) ولما ملك عليهم الرئيس أبو سعيد ، صاحب الأندلس ، سبتة ونقل بني العزفيّ ، مع جملة أعيانها إلى غرناطة ، ونقل معهم القاضي محمد بن عبد المهيمن ، (٣) وابنه عبد المهيمن ، فاستكمل قراءة العلم هنالك وأخذ عن أبي جعفر ابن الزّبير (٤) ونظرائه ، وتقدم في معرفة كتاب سيبويه ، وبرز في علوّ الإسناد ، وكثرة المشيخة. وكتب له أهل المغرب والأندلس والمشرق ، فاستكتبه رئيس الأندلس يومئذ ، الوزير أبو عبد الله بن الحكيم (٥) الرّندي ، المستبد على السّلطان المخلوع (٦) من بني الأحمر ، فكتب عنه ، ونظمه في طبقة الفضلاء الذين كانوا بمجلسه ، مثل
__________________
(١) فاس Fez) عرضها الشمالي ٦ ـ ٣٤ ، وطولها الغربي ٥٩ ـ ٤) : مدينة مشهورة بالمغرب الأقصى. كانت منذ القديم مهدا للثقافة الإسلامية ؛ وبمدينة فاس جامع القرويين ، الكعبة العلمية التي يؤمها طلاب العلم من سائر أنحاء المغرب. ياقوت ٦ / ٣٢٩.
(٢) إبراهيم بن أحمد بن عيسى الأشبيلي أبو إسحق ؛ عرف بالغافقي. دخل سبته ، وولى القضاء بها ، وتوفي سنة ٧١٦ ه. المرقبة العليا ص ١٣٣ ، الدرر الكامنة ١ / ١٣.
(٣) انظر ترجمة القاضي محمد بن عبد المهيمن في المرقبة العليا ص ١٣٢.
(٤) أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي ، أبو جعفر. الدرر الكامنة ١ / ٨٤.
(٥) هو الوزير الشاعر محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم ، أبو عبد الله الرندي شهر بابن الحكيم (٦٦٠ ـ ٧٠٨). أزهار الرياض ٣ / ٣٤٠ ـ ٣٤٧ ، الإحاطة ٢ / ٢٧٨ ـ ٣٠٤.
(٦) محمد بن محمد بن محمد بن يوسف بن نصر ، يكني أبا عبد الله ؛ ثالث ملوك بني الأحمر (٦٥٥ ـ ٧١٣) ، وهو الذي بنى مسجد الحمراء الأعظم بغرناطة. اللمحة البدرية ص ٤٧ ـ ٥٦ العبر ٧ / ٣٠٦.