السّلطان. وينفق سوقه عنده ، ويستكفي به في مواقف خدمته إذا غاب عنها لما هو أهم ، فحلي بعين السّلطان ، ونفقت عنده فضائله. فلمّا سار ابن أبي عمرو في العساكر إلى بجاية ، سنة أربع وخمسين ، انفرد ابن رضوان بقلم الكتاب عن السّلطان. ثم رجع ابن أبي عمرو ، وقد سخطه السّلطان ، فأقصاه إلى بجاية وولاه عليها ، وعلى سائر أعمالها ، وعلى حرب الموحّدين بقسنطينة. وأفرد ابن رضوان بالكتابة ، وجعل إليه العلامة ، كما كانت لابن أبي عمرو ، فاستقلّ بها ، موفّر الاقطاع ، والإسهام ، والجاه ؛ ثم سخطه آخر سبع وخمسين ، وجعل العلامة لمحمد بن أبي القاسم بن أبي مدين ، والإنشاء والتوقيع لأبي إسحق إبراهيم بن الحاج الغرناطي. (١) فلمّا كانت دولة السّلطان أبي سالم ، (٢) جعل العلامة لعلي بن محمد بن سعود (٣) صاحب ديوان العساكر ، والإنشاء والتوقيع والسرّ لمؤلف الكتاب عبد الرحمن بن خلدون (٤) ؛ ثم هلك أبو سالم سنة اثنتين وستين ، واستبدّ الوزير عمر بن عبد الله (٥) على من كفله من أبنائهم ، فجعل العلامة لابن رضوان ، سائر أيامه ، وقتله عبد العزيز بن السّلطان أبي الحسن ، واستبدّ بملكه ، فلم يزل ابن رضوان على العلامة ، وهلك عبد العزيز ، وولى ابنه السعيد في كفالة الوزير أبي بكر بن
__________________
(١) إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم ... النميري أبو إسحق ؛ يعرف بابن الحاج ولد سنة ٧١٣ ، وكان حيا في سنة ٧٦٨. إحاطة ١ / ١٩٣ ـ ٢١٠.
(٢) أبو سالم هذا هو إبراهيم بن السّلطان أبي الحسن ، وأخو السّلطان أبي عنان فارس. تفصيل أخباره في تاريخ ابن خلدون ٧ / ٣٠٤ ـ ٣٠٦.
(٣) هو علي بن محمد بن أحمد بن موسى بن سعود الخزاعي ، يكنى أبا الحسن ؛ أصله من الأندلس من بيت علم ، وقدم أبوه تلمسان. كان فقيها أديبا لغويا. نثير الجمان لابن الأحمر ص ٩٥ ، ٩٦ (نسخة خاصة).
(٤) انظر تفصيل هذا الخبر في العبر ٧ / ٣٠٥.
(٥) الوزير عمر بن عبد الله ، من الوزراء الذين كان لهم الأثر البارز في تصريف شؤون الدول بالمغرب ؛ وأخباره ذكرت مفصلة في العبر ٧ / ٣١٩ ، ٣٢٣.