عليه بعض الأحيان حزبه.
وممن حضر معه بإفريقية ، الفقيه أبو عبد الله محمد بن محمد بن الصبّاغ من أهل مكناسة. (١) (كان) (٢) مبرّزا في المنقول والمعقول ، وعارفا بالحديث (٣) وبرجاله ، وإماما في معرفة كتاب الموطأ وإقرائه ؛ أخذ العلوم عن مشيخة فاس ، ومكناسة ، ولقي شيخنا أبا عبد الله الآبليّ ، ولازمه ، وأخذ عنه العلوم العقلية ، فاستنفد بقيّة طلبه عليه ، فبرّز آخرا ؛ واختاره السّلطان لمجلسه ، فاستدعاه ، ولم يزل معه إلى أن هلك غريقا في ذلك الأسطول. (٤)
ومنهم القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد النّور ، من أعمال ندرومة ، (٥) ونسبه في صنهاجة كان مبرّزا في الفقه على مذهب الإمام مالك بن أنس ، تفقّه فيه على الأخوين أبي زيد ، وأبي موسى ابني الإمام ، وكان من جلّة أصحابهما.
ولما استولى السّلطان أبو الحسن على تلمسان ، رفع من منزلة ابني الإمام ، واختصّهما بالشورى في بلدهما. وكان يستكثر من أهل العلم في دولته ، ويجري لهم الأرزاق ، ويعمر بهم مجلسه ؛ فطلب يومئذ من ابن الإمام أن يختار له من أصحابه
__________________
(١) انظر ترجمة ابن الصباغ في الجذوة ص ١٨٩ ، نيل الابتهاج ص ٢٤٤.
(٢) الزيادة عن نيل الابتهاج ، وهي ضرورية. ومكناسة (Meknes) بكسر الميم وسكون الكاف ، سميت باسم قبيلة مكناسة التي اختطتها ؛ وهي إحدى المدن الكبرى الشهيرة بالمغرب. عرضها الشمالي ٠٠ ـ ٣٤ ، وطولها الغربي ٣٣ ـ ٥ ، ياقوت ٨ / ١٣٣.
(٣) يقولون إنه أملى في مجلس درسه ، على حديث : «يا أبا عمير ، ما فعل النّغير» أربعمائة فائدة.
نيل الابتهاج ص ٢٤٤ ، الاستقصا ٢ / ٨٤.
(٤) يكرر ابن خلدون قوله في هذا الحادث لفدح المصاب فيه ؛ فلقد كانت قطع الأسطول نحو ستمائة قطعة ، غرقت كلها ، وهلك فيها من أعلام المغرب نحو أربعمائة. الاستقصا ٢ / ٨٤.
(٥) ترجمة الندرومي في نيل الابتهاج ص ٢٤٢ ، نفح الطيب ٣ / ١٢٥. جذوة ١٩٠. وندرومة (Nedroma) بفتح النون وسكون الدال ، ثم راء مضمومة بعدها واو ، فميم مفتوحة فهاء للتأنيث : مدينة بالجزائ في الشمال الغربي لتلمسان ، وبينها وبين الساحل نحو ثمانية كيلو مترات ، عرضها الشمالي ٥٥ ـ ٣٤ ، وطولها الغربي ٠٠ ـ ٢.