وأحكامها ، وما يتعلّق بها ، ورجع إلى تلمسان بعلم كثير ، واستخلصته الدولة. فلما هلك أبو تاشفين ، وملك السّلطان أبو الحسن ، نظمه في جملته وأجرى له رزقه ، فحضر معه بإفريقية ، وهلك في الطاعون.
ومنهم أبو العباس أحمد بن شعيب (١) من أهل فاس ؛ برع في اللّسان ، والأدب ، والعلوم العقلية ، من الفلسفة ، والتعاليم ، والطب ، وغيرها ؛ ونظمه السّلطان أبو سعيد في حلبة الكتّاب ، وأجرى عليه الرزق مع الأطباء ؛ لتقدّمه فيهم ، فكان كاتبه ، وطبيبه ؛ وكذا مع السّلطان أبي الحسن بعده ، فحضر بإفريقية ، وهلك بها في ذلك الطاعون. وكان له شعر سابق به الفحول من المتقدّمين والمتأخرين ، وكانت له إمامة في نقد الشعر ، وبصر به ؛ ومما حضرني الآن من شعره :
دار الهوى نجد وساكنها |
|
أقصى أماني النّفس من نجد |
هل باكر الوسميّ ساحتها |
|
واستنّ في قيعانها الجرد |
أو بات معتلّ النّسيم بها |
|
مستشفيا بالبان والرّند |
يتلو أحاديث الذين هم |
|
قصدي وإن جاروا عن القصد |
أيام سمر ظلالها وطني |
|
منها وزرق مياهها وردي |
ومطارح النّظرات في رشأ |
|
أحوى المدامع أهيف القدّ |
__________________
(١) هو أحمد بن شعيب الجزنائي التازي نزيل فاس. كتب لأبي الحسن المريني ، وتوفي بتونس سنة ٧٥٠. نثر فرائد الجمان ص ٥٧ ـ ٦١ ، نثير الجمان ص ٩٧ (كلاهما نسخة خاصة) نيل الابتهاج ص ٦٨.