معروفا بالولاية فيهم. ولما هلك دفنه يغمراسن (١) بن زيان ، سلطان تلمسان من بني عبد الواد ، في التربة بقصره ، ليدفن بإزائه ، متى قدّر بوفاته. ونشأ محمد هذا بتلمسان. ومولده ـ فيما أخبرني ـ سنة عشر وسبعمائة ، (٢) وارتحل مع أبيه إلى المشرق. وجاور أبوه بالحرمين الشريفين ، ورجع هو إلى القاهرة ، فأقام بها. وقرأ على برهان الدين الصّفاقسي (٣) المالكي وأخيه. وبرع في الطّلب والرواية ، وكان يجيد الخطّين ؛ ثم رجع سنة خمس وثلاثين إلى المغرب ، ولقي السّلطان أبا الحسن بمكانه في تلمسان ، وقد شيّد بالعبّاد مسجدا عظيما ؛ وكان عمّه محمد بن مرزوق خطيبا به على عادتهم بالعبّاد. وتوفي ، فولاه السّلطان خطابة ذلك المسجد مكان عمّه. وسمعه يخطب على المنبر ، ويشيد بذكره ، والثناء عليه ، فحلي بعينه ، واختصّه ، وقرّبه ، وهو مع ذلك يلازم مجلس الشيخين ابني الإمام ، ويأخذ نفسه بلقاء الفضلاء ، والأكابر ، والأخذ عنهم ؛ والسّلطان في كل يوم يزيده رتبة ؛ وحضر معه واقعة طريف التي كان فيها تمحيص المسلمين ، فكان يستعمله في السّفارة عنه إلى صاحب الأندلس. ثم سفر عنه ، بعد أن ملك إفريقية ، إلى ابن أدفونش ملك قشتالة ، (٤) في تقرير الصّلح ، واستنقاذ ابنه أبي عمر تاشفين. كان أسر يوم طريف ، فغاب في تلك
__________________
(١) يغمراسن هذا هو ابن زيان بن ثابت بن محمد ، من بني عبد الواد ؛ كان من أشدهم بأسا ، وكانت هل في النفوس مهابة. ولى الملك سنة ٧٣٣ ، ودان له المغرب الأوسط وتلمسان. أخباره مبينة في العبر ٧ / ٧٨ ـ ٩٣.
(٢) تاريخ مولد ابن مرزوق ، كما ذكره ابن خلدون ، يخالف ما ذكره ابن الخطيب في الإحاطة حيث يقول إنه ولد سنة ٧١١ ه. وانظر نفح الطيب ٣ / ٢١١ ، ٢١٢.
(٣) إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القيسي الصفاقسي برهان الدين (٦٩٧ ـ ٧٤٣ ، أو ٢٤) صاحب كتاب «إعراب القرآن». ألفه بالاشتراك مع أخيه شمس الدين محمد. ديباج ص ٩٢ الدرر الكامنة ١ / ٥٥.
(٤) مملكة قشتالة (Castile) تقع في جنوب مقاطعة مدريد ، وكانت تشمل كلا المقاطعتين : Cuenca التي تقع في الجنوب الشرقي لمقاطعة مدريد ، وToledo الواقعة في الجنوب ، والجنوب الغربي لمقاطعة مدريد أيضا. وانظر اللمحة البدرية ص ٤٣.