وكان رجلا صالحا ، حسن الأخلاق ، متواضعا ، سمعت أبا الفضل محمّد بن محمّد بن عطاف الفقيه الموصلي ببغداد يحكي عنه أنه كان قد طلع في يد بعض بني الرؤساء ببغداد إصبع زائدة وأنه تألم منها ليلة واشتدّ تألمه ، فدخل عليه أبو بكر بن الخاضبة فشكى إليه ما لقي منها ، فمسح عليها ، وقال : ما أمر هذه إلّا يسير ، فلما كانت الليلة الثانية نام وانتبه فوجدها قد سقطت ، أو كما قال (١)(٢).
٥٩٢٢ ـ محمّد بن أحمد بن عبد الخالق أبو زرعة
حدّث عن أبي الوليد عبد الملك بن محمود بن إبراهيم بن سميع ، وأبي إسماعيل الترمذي.
حكى عنه أبو الحسين الرازي.
أنبأنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد ، حدّثنا أبو محمّد عبد العزيز بن أحمد ـ لفظا ـ أنبأنا تمام بن محمّد ـ إجازة ـ حدّثني أبي ، حدّثني أبو زرعة محمّد بن أحمد بن عبد الخالق الدمشقي قال : سمعت أبا إسماعيل محمّد بن إسماعيل السّلمي يقول : سمعت البويطي يقول : وحكاه عن الشافعي أنه كان في مجلس مالك بن أنس وهو غلام ، فجاء رجل إلى مالك فاستفتاه ، فقال : إنّي حلفت بالطلاق الثلاث إنّ هذا البلبل لا يهدأ من الصياح قال : فقال له مالك : قد حنثت ، فمضى الرجل ، فالتفت الشافعي إلى بعض أصحاب مالك فقال : إنّ هذه الفتيا خطأ ، فأخبر مالك بذلك ، قال : وكان مالك مهيب المجلس ، لا يجسر أحد أن يرادّه ، وكان ربما جاء صاحب الشرطة ، فيقف على رأسه إذا جلس في مجلسه ، قال : فقالوا لمالك : إنّ هذا الغلام الشافعي يزعم أن هذه فتيا إغفال أو خطأ ، فقال له مالك : من أين قلت : هذا؟ فقال له الشافعي : أليس أنت الذي رويت لنا عن النبي صلىاللهعليهوسلم في قصة فاطمة ابنة قيس (٣) أنّها قالت للنبي صلىاللهعليهوسلم : إنّ أبا جهم ومعاوية خطباني ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» (٤) [١٠٧٥٥] ، وإنّما أراد الأغلب من ذلك ، قال : فعرف مالك محل
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٩ ١ / ١١٣ من طريق ابن عساكر.
(٢) مات ابن الخاضبة في ثاني ربيع الأول سنة ٤٨٩ وقد ولد سنة نيّف وثلاثين وأربعمائة كما في سير أعلام النبلاء ٩ ١ / ١١٠ و ١١٣.
(٣) وكانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي وقد طلّقها ثلاثا.
(٤) لا يضع العصا عن عاتقه : فيه تأويلان مشهوران : أحدهما أنه كثير الأسفار ، والثاني أنه كثير الضرب للنساء ، وهذا أصح. والعاتق : هو ما بين العنق إلى المنكب.