الجمهور : (وَنُزِّلَ) ماضيا مشددا مبنيا للمفعول ، وابن مسعود وأبو رجاء (وَنُزِّلَ) ماضيا مبنيا للفاعل. وعنه أيضا وأنزل مبنيا للفاعل وجاء مصدره (تَنْزِيلاً) وقياسه إنزالا إلّا أنه لما كان معنى أنزل ونزّل واحدا جاز مجيء مصدر أحدهما للآخر كما قال الشاعر :
حتى تطوّيت انطواء الخصب
كأنه قال : حتى انطويت. وقرأ الأعمش وعبد الله في نقل ابن عطية وأنزل ماضيا رباعيا مبنيا للمفعول مضارعه ينزل. وقرأ جناح بن حبيش والخفاف عن أبي عمرو (وَنُزِّلَ) ثلاثيا مخففا مبنيا للفاعل ، وهارون عن أبي عمرو وتنزل بالتاء من فوق مضارع نزل مشددا مبنيا للفاعل ، وأبو معاذ وخارجة عن أبي عمرو (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ) بضم النون وشد الزاي ، أسقط النون من وننزل وفي بعض المصاحف وننزل بالنون مضارع نزل مشددا مبنيا للفاعل. ونسبها ابن عطية لابن كثير وحده قال : وهي قراءة أهل مكة ورويت عن أبي عمرو. وعن أبيّ أيضا وتنزلت. وقرأ أبيّ ونزلت ماضيا مشددا مبنيا للمفعول بتاء التأنيث. وقال صاحب اللوامح عن الخفاف عن أبي عمرو : (وَنُزِّلَ) مخففا مبنيا للمفعول (الْمَلائِكَةُ) رفعا ، فإن صحت القراءة فإنه حذف منها المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وتقديره : ونزل نزول الملائكة فحذف النزول ونقل إعرابه إلى (الْمَلائِكَةُ) بمعنى نزول نازل الملائكة لأن المصدر يكون بمعنى الاسم ، وهذا مما يجيء على مذهب سيبويه في ترتيب اللازم للمفعول به لأن الفعل يدل على مصدره انتهى.
وقال أبو الفتح : وهذا غير معروف لأن (نُزِّلَ) لا يتعدى إلى مفعول فيبني هنا للملائكة ، ووجهه أن يكون مثل زكم الرجل وجن فإنه لا يقال إلّا أزكمه الله وأجنه. وهذا باب سماع لا قياس انتهى. فهذه إحدى عشرة قراءة. والظاهر أن الغمام هو السحاب المعهود. وقيل هو الله في قوله (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) (١). وقال ابن جريج : الغمام الذي يأتي الله فيه في الجنة زعموا. وقال الحسن : سترة بين السماء والأرض تعرج الملائكة فيه تنسخ أعمال بني آدم ليحاسبوا. وقيل : غمام أبيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن لبني إسرائيل في تيههم ، والظاهر أن (السَّماءُ) هي المظلة لنا. وقيل : تتشقق سماء سماء قاله مقاتل. والباء باء الحال أي متغيمة أو باء السبب أي بسبب طلوع الغمام منه كأنه الذي تتشقق به السماء كما تقول : شق السنام بالشفرة وانشق بها ونظيره قوله (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢١٠.