أو بمعنى عن أقوال ثلاثة. والفرق بين الباء السببية وعن أن انشق عن كذا تفتح عنه وانشق بكذا أنه هو الشاق له.
(وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ) أي إلى الأرض لوقوع الجزاء والحساب. و (الْحَقُ) صفة للملك أي الثابت لأن كل ملك يومئذ يبطل ، ولا يبقى إلّا ملكه تعالى وخبر (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ). و (لِلرَّحْمنِ) متعلق بالحق أو للبيان أعني (لِلرَّحْمنِ). وقيل : الخبر (لِلرَّحْمنِ) و (يَوْمَئِذٍ) معمول للملك. وقيل : الخبر (الْحَقُ) و (لِلرَّحْمنِ) متعلق به أو للبيان ، وعسر ذلك اليوم على الكافرين بدخولهم النار وما في خلال ذلك من المخاوف. ودل قوله (عَلَى الْكافِرِينَ) على تيسيره على المؤمنين ففي الحديث أنه يهون حتى يكون على المؤمن أخف عليه من صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا والظاهر عموم الظالم إذ اللام فيه للجنس قاله مجاهد وأبو رجاء ، وقالا : فلان هو كناية عن الشيطان.
وقال ابن عباس وجماعة : (الظَّالِمُ) هنا عقبة بن أبي معيط إذ كان جنح إلى الإسلام وأبيّ بن خلف هو المكنى عنه بفلان ، وكان بينهما مخالة فنهاه عن الإسلام فقبل منه. وعن ابن عباس أيضا. عكس هذا القول. قيل وسبب نزولها هو عقبة وأبي. وقيل : كان عقبة خليلا لأمية فأسلم عقبة فقال أمية : وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمدا فكفر وارتد لرضا أمية فنزلت قاله الشعبي. وذكر من إساءة عقبة على الرسول ما كان سبب أن قال له الرسول عليهالسلام : «لا ألقاك خارجا من مكة إلا علوت رأسك بالسيف». فقتل عقبة يوم بدر صبرا أمر عليا فضرب عنقه ، وقتل أبيّ بن خلف يوم أحد في المبارزة. والمقصود ذكر هول يوم القيامة بتندم الظالم وتمنيه أنه لم يكن أطاع خليله الذي كان يأمره بالظلم وما من ظالم إلا وله في الغالب خليل خاص به يعبر عنه بفلان. والظاهر أن الظالم يعض على يديه فعل النادم المتفجع. وقال الضحاك : يأكل يديه إلى المرفق ثم تنبت ، ولا يزال كذلك كلما أكلها نبتت. وقيل : هو مجاز عبر به عن التحير والغم والندم والتفجع ونقل أئمة اللغة أن المتأسف المتحزن المتندم يعض على إبهامه ندما وقال الشاعر :
لطمت خدها بحمر لطاف |
|
نلن منها عذاب بيض عذاب |
فتشكى العناب نور إقاح |
|
واشتكى الورد ناضر العناب |
وفي المثل : يأكل يديه ندما ويسيل دمعه دما. وقال الزمخشري : عض الأنامل واليدين والسقوط في اليد وأكل البنان وحرق الأسنان والإرم وفروعها كنايات عن الغيظ والحسرة لأنها من روادفها فتذكر الرادفة. ويدل بها على المردوف فيرتفع الكلام به في طبقة