مجاهد : قولا سديدا فهو منصوب بقالوا. وقيل : هو على إضمار فعل تقديره سلمنا (سَلاماً) فهو جزء من متعلق الجملة المحكية. قال ابن عطية : والذي أقوله أن (قالُوا) هو العامل في (سَلاماً) لأن المعنى قالوا هذا اللفظ. وقال الزمخشري : تسلما منكم فأقيم السلام مقام التسليم. وقيل : قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الأذى والإثم والمراد بالجهل السفه وقلة الأدب وسوء الرغبة من قوله :
ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا |
انتهى. وقال الكلبي وأبو العالية : نسختها آية القتال. وقال ابن عطية : وهذه الآية كانت قبل آية السيف فنسخ منها ما يخص الكفرة وبقي حكمها في المسلمين إلى يوم القيامة ، وذكره سيبويه في هذه الآية في كتابه وما تكلم على نسخ سواه. ورجح به أنه المراد السلامة لا التسليم لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالسلام على الكفرة ، والآية مكية فنسختها آية السيف. وفي التاريخ ما معناه أن إبراهيم بن المهدي كان منحرفا عن عليّ بن أبي طالب فرآه في النوم قد تقدمه إلى عبور قنطرة ، فقال له : إنما تدّعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك ، وكان حكى ذلك للمأمون قال : فما رأيت له بلاغة في الجواب كما يذكر عنه فقال له المأمون : فما أجابك به؟ قال : كان يقول لي سلاما سلاما ، فنبهه المأمون على هذه الآية وقال : يا عم قد أجابك بأبلغ جواب. فخزي إبراهيم واستحيا ، وكان إبراهيم لم يحفظ الآية أو ذهب عنه حالة الحكاية.
والبيتوتة هو أن يدرك الليل نمت أو لم تنم ، وهو خلاف الظلول وبجيلة وأزد السراة يقولون : بيات وسائر العرب يقولون : يبيت ، ولما ذكر حالهم بالنهار بأنهم يتصرفون أحسن تصرف ذكر حالهم بالليل والظاهر أنه يعني إحياء الليل بالصلاة أو أكثره. وقيل : من قرأ شيئا من القرآن بالليل في صلاة فقد بات ساجدا وقائما. وقيل : هما الركعتان بعد المغرب ، والركعتان بعد العشاء. وقيل : من شفع وأوتر بعد أن صلى العشاء فقد دخل في هذه الآية. وفي هذه الآية حض على قيام الليل في الصلاة. وقدم السجود وإن كان متأخرا في الفعل لأجل الفواصل ، ولفضل السجود فإنها حالة أقرب ما يكون العبد فيها من الله. وقرأ أبو البرهسم : سجودا على وزن قعودا. ومدحهم تعالى بدعائه أن يصرف عنهم عذاب جهنم وفيه تحقيق إيمانهم بالبعث والجزاء. قال ابن عباس : (غَراماً) فظيعا وجيعا. وقال الخدري : لازما ملحّا دائما. قال الحسن : كل غريم يفارق غريمه إلّا غريم جهنّم. وقال السدّي : شديدا. وأنشدوا على أن (غَراماً) لازما قوله الشاعر وهو بشر بن أبي حاتم :