(فَاجْلِدُوهُمْ) أمر للإمام ونوابه بالجلد ، والظاهر وجوب الجلد وإن لم يطالب المقذوف وبه قال ابن أبي ليلى. وقال أبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي والشافعي : لا يحد إلّا بمطالبته. وقال مالك كذلك إلّا أن يكون الإمام سمعه يقذفه فيحده إذا كان مع الإمام شهود عدول وإن لم يطالب المقذوف ، والظاهر أن العبد القاذف حرّا إذا لم يأت بأربعة شهداء حد ثمانين لاندراجه في عموم (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ) وبه قال عبد الله بن مسعود والأوزاعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه ومالك والثوري وعثمان البتي والشافعي : يجلد أربعين وهو قول عليّ وفعل أبي بكر وعمر وعليّ ومن بعدهم من الخلفاء قاله عبد الله بن ربيعة ، ولو قذف واحد جماعة بلفظ واحد أو أفرد لكل واحد حد حدّا واحدا وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ومالك والثوري والليث. وقال عثمان البتي والشافعي لكل واحد حد. وقال الشعبي وابن أبي ليلى : إن كان بلفظ واحد نحو يا زناة فحدوا حد ، أو قال : لكل واحد يا زاني فلكل إنسان حد ، والظاهر من الآية أنه لا يجلد إلّا القاذف ولم يأت جلد الشاهد إذا لم يستوف عدد الشهود ، وليس من جاء للشهادة للقاذف بقاذف وقد أجراه عمر مجرى القاذف. وجلد أبا بكرة وأخاه نافعا وشبل بن معبد البجلي لتوقف الرابع وهو زيادة في الشهادة فلم يؤدها كاملة ، ولو أتى بأربعة شهداء فساق. فقال زفر : يدرأ الحد عن القاذف والشهود. وعن أبي يوسف يحد القاذف ويدرأ عن الشهود. وقال مالك وعبيد الله بن الحسن : يحد الشهود والقاذف.
(وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً) الظاهر أنه لا يقبل شهادته أبدا وإن أكذب نفسه وتاب ، وهو نهي جاء بعد أمر ، فكما أن حكمه الجلد كذلك حكمه رد شهادته وبه قال شريح القاضي والنخعي وابن المسيب وابن جبير والحسن والثوري وأبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح : لا تقبل شهادة المحدود في القذف وإن تاب ، وتقبل شهادته في غير المقذوف إذا تاب. وقال مالك : تقبل في القذف بالزنا وغيره إذا تاب وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والقاسم بن محمد وسالم والزهري ، وقال : لا تقبل شهادة محدود في الإسلام يعني مطلقا ، وتوبته بماذا تقبل بإكذاب نفسه في القذف وهو قول الشافعي وكذا فعل عمر بنافع وشبل أكذبا أنفسهما فقبل شهادتهما ، وأصر أبو بكرة فلم تقبل شهادته حتى مات.
(وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) الظاهر أنه كلام مستأنف غير داخل في حيز الذين يرمون ،