كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) قلت : دل كل على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل ، وكم على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة ، فهذا معنى الجمع ، وبه نبه على كمال قدرته. انتهى. وأفرد (لَآيَةً) ، وإن كان قد سبق ما دل على الكثرة في الأزواج ، وهو كم ، وعلى الإحاطة بالعموم في الأزواج ، لأن المشار إليه واحد ، وهو الإنبات ، وإن اختلفت متعلقاته ، أو أريد أن في كل واحد من تلك الأزواج لآية. (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) : تسجيل على أكثرهم بالكفر. (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) : أي الغالب القاهر. ولما كان الموضع موضع بيان القدرة ، قدم صفة العزة على صفة الرحمة. فالرحمة إذا كانت عن قدرة ، كانت أعظم وقعا ، والمعنى : أنه عز في نقمته من الكفار ورحم مؤمني كل أمة. ولما ذكر تكذيب قريش بما جاءهم من الحق وإعراضهم عنه ، ذكر قصة موسى عليهالسلام ، وما قاسى مع فرعون وقومه ، ليكون ذلك مسلاة لما كان يلقاه عليه لصلاة والسلام من كفار قريش. إذ ، كانت قريش قد اتخذت آلهة من دون الله ، وكان قوم فرعون قد اتخذوه إلها ، وكان أتباع ملة موسى عليهالسلام هم المجاورون من آمن بالرسول صلىاللهعليهوسلم ، بدأ بقصة موسى ، ثم ذكر بعد ذلك ما يأتي ذكره من القصص. والعامل في إذ ، قال الزجاج ، اتل مضمرة ، أي اتل هذه القصة فيما يتلو إذ نادى ، ودليل ذلك (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ) (١) إذ. وقيل : العامل اذكر ، وهو مثل واتل ، ومعنى نادى : دعا. وقيل : أمر. وأن : يجوز أن تكون مصدرية ، وأن تكون تفسيرية ، وسجل عليهم بالظلم ، لظلم أنفسهم بالكفر ، وظلم بني إسرائيل بالاستعباد ، وذبح الأولاد ، و (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) ، وقيل : بدل من (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، والأجود أن يكون عطف بيان لأنهما عبارتان يعتقبان على مدلول واحد ، إذ كل واحد عطف البيان ، وسوغه مستقل بالإسناد. ولما كان القوم الظالمين يوهم الاشتراك ، أتى عطف البيان بإزالته ، إذ هو أشهر. وقرأ الجمهور : ألا يتقون ، بالياء على الغيبة. وقرأ عبد الله بن مسلم بن يسار ، وشقيق بن سلمة ، وحماد بن سلمة ، وأبو قلابة : بتاء الخطاب ، على طريقة الالتفات إليهم إنكارا وغضبا عليهم ، وإن لم يكونوا حاضرين ، لأنه مبلغهم ذلك ومكافحهم. قال ابن عطية : معناه قل لهم ، فجمع في هذه العبارة من المعاني نفي التقوى عنهم وأمرهم بالتقوى.
وقال الزمخشري : فإن قلت : بم تعلق قوله : (أَلا يَتَّقُونَ)؟ قلت : هو كلام مستأنف
__________________
(١) سورة الشعراء : آية ٢٦ / ٦٩.