عمار ، وابن السميفع : حادرون ، بالدال المهملة من قولهم : عين حدرة ، أي عظيمة ، والحادر : المتورم. قال ابن عطية : فالمعنى ممتلئون غيظا وأنفة. وقال ابن خالويه : الحادر : السمين القوي الشديد ، يقال غلام حدر بدر. وقال صاحب اللوامح : حدر الرجل : قوي بأسه ، يقال : منه رجل حدر بدر ، إذا كان شديد البأس في الحرب ، ويقال : رجل حدر ، بضم الدال للمبالغة ، مثل يقظ. وقال الشاعر :
أحب الصبي السوء من أجل أمّه |
|
وأبغضه من بغضها وهو حادر |
أي سمين قوي. وقيل : مدجّجون في السلام. (فَأَخْرَجْناهُمْ) : الضمير عائد على القبط. (مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) : بحافتي النيل من أسوان إلى رشيد ، قاله ابن عمر وغيره ، والجمهور : على أنها عيون الماء. وقال ابن جبير : المراد عيون الذهب. (وَكُنُوزٍ) : هي الأموال التي خربوها. قال مجاهد : سماها كنوزا لأنه لم ينفق في طاعة الله قط. وقال الضحاك : الكنوز : الأنهار. قال صاحب التحبير : وهذا فيه نظر ، لأن العيون تشملهما. وقيل : هي كنوز المقطم ومطالبه. قال ابن عطية : هي باقية إلى اليوم. انتهى.
وأهل مصر في زماننا في غاية الطلب لهذه الكنوز التي زعموا أنها مدفونة في المقطم ، فينفقون على حفر هذه المواضع في المقطم الأموال الجزيلة ، ويبلغون في العمق إلى أقصى غاية ، ولا يظهر لهم إلا التراب أو حجر الكذان الذي المقطم مخلوق منه ، وأي مغربي يرد عليهم سألوه عن علم المطالب. فكثير منهم يضع في ذلك أوراقا ليأكلوا أموال المصريين بالباطل ، ولا يزال الرجل منهم يذهب ماله في ذلك حتى يفتقر ، وهو لا يزداد إلا طلبا لذلك حتى يموت. وقد أقمت بين ظهرانيهم إلى حين كتابة هذه الأسطر ، نحوا من خمسة وأربعين عاما ، فلم أعلم أن أحدا منهم حصل على شيء غير الفقر ؛ وكذلك رأيهم في تغوير الماء. يزعمون أن ثم آبارا ، وأنه يكتب أسماء في شقفة ، فتلقى في البئر ، فيغور الماء وينزل إلى باب في البئر ، يدخل منه إلى قاعة مملوءة ذهبا وفضة وجوهرا وياقوتا. فهم دائما يسألون من يرد من المغاربة عمن يحفظ تلك الأسماء التي تكتب في الشقفة ، فيأخذ شياطين المغاربة منهم مالا جزيلا ، ويستأكلونهم ، ولا يحصلون على شيء غير ذهاب أموالهم ، ولهم أشياء من نحو هذه الخرافات ، يركنون إليها ويقولون بها ، وإنما أطلت في هذا على سبيل التحذير لمن يعقل.
وقوله تعالى : (وَمَقامٍ كَرِيمٍ). قال ابن لهيعة : هو الفيوم. وقال ابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : هو المنابر للخطباء. وقيل : الأسرة في الكلل. وقيل : مجالس الأمراء