اللطف في الطلع أن يكون بسبب كثرة الحمل ، فإنه متى كثر لطف فكان هضيما ، وإذا قل الحمل جاء التمر فاخرا. ولما كانت منابت النخل جيدة ، وكان السقي لها كثيرا ، وسلمت من العاهة ، كبر الحمل بلطف الحب. وقرأ الجمهور : (وَتَنْحِتُونَ) ، بالتاء للخطاب وكسر الحاء ؛ وأبو حيوة ، وعيسى ، والحسن : بفتحها ، وتقدم ذكره ، وعنه بألف بعد الحاء إشباعا. وعن عبد الرحمن بن محمد ، عن أبيه : بالياء من أسفل وكسر الحاء. وعن أبي حيوة ، والحسن أيضا : بالياء من أسفل وفتح الحاء. وقرأ عبد الله ، وابن عباس ، وزيد بن علي ، والكوفيون ، وابن عامر : فارهين بألف ، وباقي السبعة : بغير ألف ؛ ومجاهد : متفرهين ، اسم فاعل من تفره ، والمعنى : نشطين مهتمين ، قاله ابن عباس. وقال مجاهد : شرهين. وقال ابن زيد : أقوياء. وقال ابن عباس أيضا ، وأبو عمرو بن العلاء : أشرين بطرين. وقال عبد الله بن شداد : بمعنى مستفرهين ، أي مبالغين في استجادة المغارات ليحفظوا أموالهم فيها. وقال قتادة : آمنين. وقال الكلبي : متجبرين. وقال خصيف : معجبين. وقال عكرمة : ناعمين. وقال الضحاك : كيسين. وقال أبو صالح : حاذقين. وقال ابن بحر : قادرين. وقال أبو عبيدة : مرحين.
وظاهر هذه الآيات أن الغالب على قوم هود : اللذات الخيالية من طلب الاستعلاء والبقاء والتفرد والتجبر ، وعلى قوم صالح : اللذات الحسية من المأكول والمشروب والمساكن الطيبة الحصينة. (وَلا تُطِيعُوا) : خطاب الجمهور قومه. والمسرفون : هم كبراؤهم وأعلامهم في الكفر والإضلال ، وكانوا تسعة رهط. (يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) : أي أرض ثمود. وقيل : في الأرض كلها ، لأن بمعاصيهم امتناع الغيث. ولما كانوا يفسدون دلالته دلالة المطلق ، أتى بقوله : (وَلا يُصْلِحُونَ) ، فنفى عنهم الصلاح ، وهو نفي لمطلق الصلاح ، فيلزم منه نفي الصلاح كائنا ما كان ، فلا يحصل منهم صلاح البتة. والمسحر : الذي سحر كثيرا حتى غلب على عقله. وقيل : من السحر ، وهو الرئة ، أي أنت بشر لا تصلح للرسالة. ويضعف هذا القول قولهم بعد : (ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) ، إذ تكون هذه الجملة توكيدا لما قبلها ، والأصل التأسيس. ومثلنا : أي في الأكل والشرب وغير ذلك من صفات البشر ، فلا اختصاص لك بالرسالة.
(فَأْتِ بِآيَةٍ) : أي بعلامة على صحة دعواك ، وفي الكلام حذف تقديره : قال آتي بها ، قالوا : ما هي؟ (قالَ هذِهِ ناقَةٌ). روي أنهم اقترحوا عليه ناقة عشراء تخرج من هذه الصخرة تلد سقبا. فقعد صالح يتفكر ، فقال له جبريل عليهالسلام : صل ركعتين وسل