الواردون وتيم في ذرى سبأ |
|
قد عض أعناقهم جلد الجواميس |
ومن سكن الهمزة ، فلتوالي الحركات فيمن منع الصرف ، وإجراء للوصل مجرى الوقف. وقال مكي : الإسكان في الوصل بعيد غير مختار ولا قوي. انتهى. وقرأ الأعمش : من سبأ ، بكسر الهمزة من غير تنوين ، حكاها عنه ابن خالويه وابن عطية ، ويبعد توجيهها. وقرأ ابن كثير في رواية : من سبأ ، بتنوين الباء على وزن رحى ، جعله مقصورا مصروفا. وذكر أبو معاذ أنه قرأ من سبأ : بسكون الباء وهمزة مفتوحة غير منونة ، بناه على فعلى ، فامتنع الصرف للتأنيث اللازم. وروى ابن حبيب ، عن اليزيدي : من سبأ ، بألف ساكنة ، كقولهم : تفرقوا أيدي سبا. وقرأت فرقة : بنبإ ، بألف عوض الهمزة ، وكأنها قراءة من قرأ : لسبا ، بالألف ، لتتوازن الكلمتان ، كما توازنت في قراءة من قرأهما بالهمزة المكسور والتنوين. وقال في التحرير : إن هذا النوع في علم البديع يسمى بالترديد ، وفي كتاب التفريع بفنون البديع. إن الترديد رد أعجاز البيوت على صدورها ، أو رد كلمة من النصف الأول إلى النصف الثاني ، ويسمى أيضا التصدير ، فمثال الأول قوله :
سريع إلى ابن العم يجبر كسره |
|
وليس إلى داعي الخنا بسريع |
ومثال الثاني قوله :
والليالي إذا نأيتم طوال |
|
والليالي إذا دنوتم قصار |
وذكر أن مثل : (مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ) ، يسمى تجنيس التصريف ، قال : وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف ، ومنه قوله تعالى : (ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ) ، وما ورد في الحديث : «الخيل معقود في نواصيها الخير». وقال الشاعر :
لله ما صنعت بنا |
|
تلك المعاجر والمحاجر |
وقال الزمخشري : وقوله : (مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ) ، من جنس الكلام الذي سماه المحدثون البديع ، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق باللفظ ، بشرط أن يجيء مطبوعا ، أو بصيغة عالم بجوهر الكلام ، يحفظ معه صحة المعنى وسداده. ولقد جاء هاهنا زائدا على الصحة ، فحسن وبدع لفظا ومعنى. ألا ترى لو وضع مكان بنبإ بخبر لكان المعنى صحيحا؟ وهو كما جاء أصح ، لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال. انتهى. والزيادة التي أشار