يا لعنة الله والأقوام كلهم
حرف نداء عندي ، بل حرف تنبيه جاء بعده المبتدأ ، وليس مما حذف منه المنادى لما ذكرناه. وقال الزمخشري : فإن قلت : أسجدة التلاوة واجبة في القراءتين جميعا ، أو في واحدة منهما؟ قلت : هي واجبة فيهما ، وإحدى القراءتين أمر بالسجود ، والأخرى ذمّ للتارك ؛ وما ذكره الزجاج من وجوب السجدة مع التخفيف دون التشديد فغير مرجوع إليه ، انتهى. والخبء : مصدر أطلق على المخبوء ، وهو المطر والنبات وغيرهما مما خبأه تعالى من غيوبه. وقرأ الجمهور : الخبء ، بسكون الباء والهمزة. وقرأ أبيّ ، وعيسى : بنقل حركة الهمزة إلى الباء وحذف الهمزة. وقرأ عكرمة : بألف بدل الهمزة ، فلزم فتح ما قبلها ، وهي قراءة عبد الله ، ومالك بن دينار. ويخرج على لغة من يقول في الوقف : هذا الخبو ، ومررت بالخبي ، ورأيت الخبا ، وأجرى الوصل مجرى الوقف. وأجاز الكوفيون أن تقول في المرأة والكمأة : المرأة والكمأة ، فيبدل من الهمزة ألفا ، فتفتح ما قبلها ، فعلى قولهم هذا يجوز أن يكون الخبأ منه. قيل : وهي لغة ضعيفة ، وإجراء الوصل مجرى الوقف أيضا نادر قليل ، فيعادل التخريجان. ونقل الحركة إلى الباء ، وحذف الهمزة ، حكاه سيبويه ، عن قوم من بني تميم وبني أسد. وقراءة الخبا بالألف ، طعن فيها أبو حاتم وقال : لا يجوز في العربية ، قال : لأنه إن حذف الهمزة ألقى حركتها على الباء فقال : الخب ، وإن حولها قال : الخبي ، بسكون الباء وياء بعدها. قال المبرد : كان أبو حاتم دون أصحابه في النحو ، ولم يلحق بهم ، إلا أنه إذا خرج من بلدتهم لم يلق أعلم منه. والظاهر أن (فِي السَّماواتِ) متعلق بالخبء ، أي المخبوء في السموات. وقال الفراء في ومن يتعاقبان بقول العرب : لأستخرجن العلم فيكم ، يريد منكم. انتهى. فعلى هذا يتعلق بيخرج ، أي من في السموات.
ولما كان الهدهد قد أوتي من معرفة الماء تحت الأرض ما لم يؤت غيره ، وألهمه الله تعالى ذلك ، كان وصفه ربه تعالى بهذا الوصف الذي هو قوله : (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) ، إذ كل مختص بوصف من علم أو صناعة ، يظهر عليه مخايل ذلك الوصف في روائه ومنطقه وشمائله ، ولذلك ما ورد : «ما عمل عبد عملا إلا ألقى الله عليه رداء عمله». وقرأ الحرميان والجمهور : ما يخفون وما يعلنون ، بياء الغيبة ، والضمير عائد على المرأة وقومها. وقرأ الكسائي وحفص : بتاء الخطاب ، فاحتمل أن يكون خطابا لسليمان عليهالسلام والحاضرين معه ، إذ يبعد أن تكون محاورة الهدهد لسليمان ، وهما ليس معهما أحد. وكما جاز له أن يخاطبه بقوله : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) ، جاز أن يخاطبه والحاضرين معه بقوله :