هذا الباب. وقال ابن عطية : ذكرها الأخفش ، وهي تصحيف لا قراءة. انتهى. وليست تصحيفا ، فقد نقلها ابن خالويه عن سيبويه ، وابن جبارة عن ابن مقسم والزعفراني. وروي أنه لما اشتد التناكر بينهما قال القبطي لموسى : لقد هممت أن أحمله عليك ، يعني الحطب ، فاشتد غضب موسى ، وكان قد أوتي قوة ، (فَوَكَزَهُ) ، فمات. وقرأ عبد الله فلكزه ، باللام ، وعنه : فنكزه ، بالنون. قال قتادة : وكزه بعصاه ؛ وغيره قال : بجمع كفه ، والظاهر أن فاعل (فَقَضى) ضمير عائد على موسى. وقيل : يعود على الله ، أي فقضى الله عليه بالموت. ويحتمل أن يعود على المصدر المفهوم من وكزه ، أي فقضى الوكز عليه ، وكان موسى لم يتعمد قتله ، ولكن وافقت وكزته الأجل ، فندم موسى. وروي أنه دفنه في الرمل وقال : (هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) ، وهو ما لحقه من الغضب حتى أدى إلى الوكزة التي قضت على القبطي ، وجعله من عمل الشيطان وسماه ظلما لنفسه واستغفر منه ، لأنه أدى إلى قتل من لم يؤذن له في قتله. وعن ابن جريج : ليس لنبي أن يقتل ما لم يؤمر. وقال كعب : كان موسى إذ ذاك ابن اثنتي عشرة سنة ، وكان قتله خطأ ، فإن الوكزة في الغالب لا تقتل. وقال النقاش : كان هذا قبل النبوة ، وقد انتهج موسى عليهالسلام نهج آدم عليهالسلام إذ قال : (ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) (١). والباء في (بِما أَنْعَمْتَ) للقسم ، والتقدير : أقسم بما أنعمت به عليّ من المغفرة ، والجواب محذوف ، أي لأتوين ، (فَلَنْ أَكُونَ) ، أو متعلقة بمحذوف تقديره : اعصمني بحق ما أنعمت عليّ من المغفرة ، (فَلَنْ أَكُونَ) إن عصمتني (ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ). وقيل : (فَلَنْ أَكُونَ) دعاء لا خبر ، ولن بمعنى لا في الدعاء ، والصحيح أن لن لا تكون في الدعاء ، وقد استدل على أن لن تكون في الدعاء بهذه الآية ، وبقول الشاعر :
لن تزالوا كذاكم ثم ما زل |
|
ت لهم خالدا خلود الجبال |
والمظاهرة ، إما بصحبته لفرعون وانتظامه في جملته وتكثير سواده حيث كان يركب بركوبه كالولد مع الوالد ، وكان يسمى ابن فرعون ، وإما أنه أدت المظاهرة إلى القتل الذي جرى على يده. وقيل : بما أنعمت عليّ من النبوّه ، فلن أستعملها إلّا في مظاهرة أوليائك ، ولا أدع قبطيا يغلب إسرائيليا. واحتج أهل العلم بهذه الآية على منع معونة أهل الظلم وخدمتهم ، نص على ذلك عطاء بن أبي رباح وغيره. وقال رجل لعطاء : إن أخي يضرب بعلمه ولا يعدو رزقه ، قال : فمن الرأس ، يعني من يكتب له؟ قال : خالد بن عبد الله
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٢٣.