ما شأنك؟ يقال : شانت شأنه ، أي قصدت قصده. انتهى. وفي سؤاله عليه الصلاة والسلام دليل على جواز مكالمة الأجنبية فيما يعنّ ولم يكن لأبيهما أجير ، فكانتا تسوقان الغنم إلى الماء ، ولم تكن لهما قوة الاستقاء ، وكان الرعاة يستقون من البئر فيسقون مواشيهم ، فإذا صدروا ، فإن بقي في الحوض شيء سقتا. فوافى موسى عليهالسلام ذلك اليوم وهما يمنعان غنمهما عن الماء ، فرق عليهما وقال : (ما خَطْبُكُما)؟ وقرأ شمر : بكسر الخاء ، أي من زوجكما؟ ولم لا يسقي هو؟ وهذه قراءة شاذة نادرة.
(قالَتا لا نَسْقِي). وقرأ ابن مصرف : لا نسقي ، بضم النون. وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، والحسن ، وقتادة ، والعربيان : يصدر ، بفتح الياء وضم الدال ، أي يصدرون بأغنامهم ؛ وباقي السبعة ، والأعرج ، وطلحة ، والأعمش ، وابن أبي إسحاق ، وعيسى : بضم الياء وكسر الدال ، أي يصدرون أغنامهم. وقرأ الجمهور : الرعاء ، بكسر الراء : جمع تكسير. قال الزمخشري : وأما الرعاء بالكسر فقياس ، كصيام وقيام. انتهى. وليس بقياس ، لأنه جمع راع ؛ وقياس فاعل الصفة التي للعاقل أن تكسر على فعلة ، كقاض وقضاة ، وما سوى جمعه هذا فليس بقياس. وقرىء : الرعاء ، بضم الراء ، وهو اسم جمع ، كالرخال والثناء. قال أبو الفضل الرازي : وقرأ عياش ، عن أبي عمرو : الرعاء ، بفتح الراء ، وهو مصدر أقيم مقام الصفة ، فاستوى لفظ الواحد والجماعة فيه ، وقد يجوز أنه حذف منه المضاف. (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) : اعتذار لموسى عن مباشرتهما السقي بأنفسهما ، وتنبيه على أن أباهما لا يقدر على السقي لشيخه وكبره ، واستعطاف لموسى في إعانتهما.
(فَسَقى لَهُما) : أي سقى غنمهما لأجلهما. وروي أن الرعاة كانوا يضعون على رأس البئر حجرا لا يقله إلا عدد من الرجال ، واضطرب النقل في العدد ، فأقل ما قالوا سبعة ، وأكثره مائة ، فأقله وحده. وقيل : كانت لهم دلو لا ينزع بها إلا أربعون ، فنزع بها وحده. وروي أنه زاحمهم على الماء حتى سقى لهما ، كل ذلك رغبة في الثواب على ما كان به من نصب السفر وكثرة الجوع ، حتى كانت تظهر الخضرة في بطنه من البقل. وقيل : إنه مشى حتى سقط أصله ، وهو باطن القدم ، ومع ذلك أغاثهما وكفاهما أمر السقي. وقد طابق جوابهما لسؤاله. سألهما عن سبب الذود ، فأجاباه : بأنا امرأتان ضعيفتان مستورتان ، لا نقدر على مزاحمة الرجال ، فنؤخر السقي إلى فراغهم. ومباشرتهما ذلك ليس بمحظور ، وعادة العرب وأهل البدو في ذلك غير عادة أهل الحضر والأعاجم ، لا سيما إذا دعت إلى ذلك ضرورة. (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِ) ، قال ابن مسعود : ظل شجرة. قيل : كانت سمرة. وقيل :