يحدّ أول أمد الإجارة. والظاهر من الآية جواز النكاح بالإجارة ، وبه قال الشافعي وأصحابه وابن حبيب. وقال الزمخشري : (هاتَيْنِ) ، فيه دليل على أنه كانت له غيرهما. انتهى. ولا دليل في ذلك ، لأنهما كانتا هما اللتين رآهما تذودان ، وجاءته إحداهما ، فأشار إليهما ، والإشارة إليهما لا تدل على أن له غيرهما. (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) في موضع الحال من ضمير أنكحك ، إما الفاعل ، وإما المفعول. وتأجرني ، من أجرته : كنت له أجيرا ، كقولك : أبوته : كنت له أبا ، ومفعول تأجرني الثاني محذوف تقديره نفسك. و (ثَمانِيَ حِجَجٍ) : ظرف ، وقاله أبو البقاء. وقال الزمخشري : حجج : مفعول به ، ومعناه : رعيه ثماني حجج. (فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) : أي هو تبرع وتفضل لا اشتراط. (وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ) بإلزام أيّم الأجلين ، ولا في المعاشرة والمناقشة في مراعاة الأوقات ، وتكليف الرعاة أشياء من الخدم خارجة عن الشرط. (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ) : وعد صادق مقرون بالمشيئة من الصالحين في حسن المعاملة ووطاءة الخلق ، أو من الصالحين على العموم ، فيدخل تحته حسن المعاملة.
ولما فرغ شعيب مما حاور به موسى ، قال موسى : (ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) ، على جهة التقدير والتوثق في أن الشرط إنما وقع في ثماني حجج. وذلك مبتدأ أخبره بيني وبينك ، إشارة إلى ما عاهده عليه ، أي ذلك الذي عاهدتني وشارطتني قائم بيننا جميعا لا نخرج عنه ، ثم قال : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) ، أي الثماني أو العشر؟ (فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) : أي لا يعتدى عليّ في طلب الزيادة ، وأي شرط ، وما زائدة. وقرأ الحسن ، والعباس ، عن أبي عمرو : أيما ، بحذف الياء الثانية ، كما قال الشاعر :
تنظرت نصرا والسماكين أيما |
|
علي من الغيث استهلت مواطره |
وقرأ عبد الله : أي الأجلين ما قضيت ، بزيادة ما بين الأجلين وقضيت. قال الزمخشري فإن قلت : ما الفرق بين موقع ما المزيدة في القراءتين؟ قلت : وقعت في المستفيضة مؤكدة لإبهام ، أي زائدة في شياعها وفي الشاذ ، تأكيدا للقضاء ، كأنه قال : أي الأجلين صممت على قضائه وجردت عزيمتي له؟ وقرأ أبو حيوة ، وابن قطيب : فلا عدوان ، بكسر العين. قال المبرد : قد علم أنه لا عدوان عليه في أتمهما ، ولكن جمعهما ، ليجعل الأول كالأتم في الوفاء. وقال الزمخشري : تصور العدوان إنما هو في أحد الأجلين الذي هو أقصر ، وهو المطالبة بتتمة العشر ، فما معنى تعليق العدوان بهما جميعا؟ قلت : معناه : كما أني إن طولبت بالزيادة على العشر ، كان عدوانا لا شك فيه ، فكذلك إن طولبت في الزيادة على