للعرب أصل في أيام موسى ، فمعناه على هذا : أو لم يكفر آباؤهم؟ قالوا في موسى وهارون : (سِحْرانِ تَظاهَرا) ، أي تعاونا. انتهى. ومن قيل : يحتمل أن يتعلق ب (يَكْفُرُوا) ، و (بِما أُوتِيَ). وقرأ الجمهور : ساحران. قال مجاهد : موسى وهارون. وقال الحسن : موسى وعيسى. وقال ابن عباس : موسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم. وقال الحسن أيضا : عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. وقرأ عبد الله ، وزيد بن علي ، والكوفيون : سحران. قال ابن عباس : التوراة والقرآن. وقيل : التوراة والإنجيل ، أو موسى وهارون جعلا سحرين على سبيل المبالغة. (تَظاهَرا) : تعاونا. قرأ الجمهور : تظاهرا : فعلا ماضيا على وزن تفاعل. وقرأ طلحة ، والأعمش : اظاهرا ، بهمزة الوصل وشد الظاء ، وكذا هي في حرف عبد الله ، وأصله تظاهرا ، فأدغم التاء في الظاء ، فاجتلبت همزة الوصل لأجل سكون التاء المدغمة. وقرأ محبوب عن الحسن ، ويحيى بن الحارث الذماري ، وأبو حيوة ، وأبو خلاد عن اليزيدي : تظاهرا بالتاء ، وتشديد الظاء. قال ابن خالويه : وتشديده لحن لأنه فعل ماض ، وإنما يشدد في المضارع. وقال صاحب اللوامح : ولا أعرف وجهه. وقال صاحب الكامل في القراءات : ولا معنى له. انتهى. وله تخريج في اللسان ، وذلك أنه مضارع حذفت منه النون ، وقد جاء حذفها في قليل من الكلام وفي الشعر ، وساحران خبر مبتدأ محذوف تقديره : أنتما ساحران تتظاهران ؛ ثم أدغمت التاء في الظاء وحذفت النون ، وروعي ضمير الخطاب. ولو قرىء : يظاهرا ، بالياء ، حملا على مراعاة ساحران ، لكان له وجه ، أو على تقدير هما ساحران تظاهرا.
(وَقالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كافِرُونَ) : أي بكل من الساحرين أو السحرين ، ثم أمره تعالى أن يصدع بهذه الآية ، وهي قوله : (قُلْ فَأْتُوا) : أي أنتم أيها المكذبون ، بهذه الكتب التي تضمنت الأمر بالعبادات ومكارم الأخلاق ، ونهت عن الكفر والنقائص ، ووعد الله عليها الثواب الجزيل. إن كان تكذيبكم لمعنى (فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللهِ) يهدي أكثر من هدي هذه ، أتبعه معكم. والضمير في منها عائد على ما أنزل على موسى ، وعلى محمد صلى الله عليهما وسلم ، وتعليق إتيانهم بشرط الصدق أمر متحقق متيقن ، أنه لا يكون ولا يمكن صدقهم ، كما أنه لا يمكن أن يأتوا بكتاب من عند الله يكون أهدى من الكتابين. ويجوز أن يراد بالشرط التهكم بهم. وقرأ زيد بن علي : أتبعه ، برفع العين الاستئناف ، أي أنا أتبعه. (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ) ، قال ابن عباس : يريد فإن لم يؤمنوا بما جئت به من الحجج ، ولم يمكنهم أن يأتوا بكتاب هو أفضل ، والاستجابة تقتضي دعاء ، وهو صلىاللهعليهوسلم يدعو دائما إلى